إبداع

آسفة.. وعصا الراهب

الخطوة الثانية من رواية «خطوات»

نزهة محمد المانع
Latest posts by نزهة محمد المانع (see all)

حملت الأخوات «إيفات» إلى غرفة صغيرة بآخر رواق الكنيس وطُرق الباب طرقًا خفيفًا ودخلت بنت اتجهت مباشرة نحو الراهب جرجيس وقالت:

_أريد التحدث إليك أبي

– ادخلي الخلوة ابنتي… أتريدين اعترافًا؟

_لا… أريد أن أقص عليك رؤيا تراودني منذ مدة..

– هل معك صندوق؟

اندهشت البنت وأجابت:

_لا..

– اسردي منامك ابنتي

_إني أراك لا تغيب عن منامي أبي

– أفصحي

_كأنّه للملكة سبأ أخت في غاية الكمال واسمها آسفة والخضر بينهما يخترق العوالم ويجالس سليمان دون أن يدري،

والخضر هو حاكم زُنيخ.. وزنيخ هو اسم وادي سيل يجري.

– وأين أنا من زنيخ وسليمان وسبأ؟

_أنت كنت تأخذ عصا عجيبة من الخضر وتمدها لآسفة كلّما أرادت إيقاف سيل الوادي… لتعبر إلى الضفة الأخرى

وكانت تخشى من زُنيخ.

– لماذا؟

_لأنه كلما عبرت مياهه إحدى الأميرات أو الحسناوات… ابتلعها.

 -وماذا يفعل بهن صاحب الوادي؟

_لا شيء من الأذى.. فقط يحتفظ بهن أسيرات، يرقصن له… ويغنين… ويشعُرن… إلى أن تُتلف أجسادهن في الثرى… وتستقبل أرواحهن الثريا…

– ماذا فهمت من رؤياك؟

_لم أفهم شيئًا. ليت يوسف ينقي لي الحق من الخطأ في حلمي.

– وماذا فهمت من حملي العصا؟

_فهمت أنك ولي الله َورحمة منه، تحمل السر… وتدفع الضرّ.

– ولِمَ للوادي خادم اسمه زُنيخ؟

   _لعل الوادي هو الهوى الغير مسموح

– ولِمَ الأميرة اسمها آسفة؟

   _آسفة أبي لم أفهم.

– ها قد فهمت ألم تقولي آسفة؟

  _كيف؟

  – لعل كل أميرة أو حسناء تعبر الوادي وتستمتع بالسيل والماء العذب بين أصابعها ولا تحتسب نوايا زُنيخ حتى يبتلعها

تصير آسفة ونادمة على انجرافها في السيل… واتباعها الهوى..

_فكيف للأميرات أن تنجون أبي؟

– عليهن بجرجيس أو مثله، يوقف بعصاه السيل… والزيغ… والميل…

_أكاد لا أفهم أبي

– هل سردت الرؤيا على والدتك؟

_لا.

– لماذا؟

_خرجت منذ مدة من الدّار.

– ابحثي عنها يا بنيتي… واسردي لها الحلم وأفيديها  بشرحي… وقولي لها قال لك جرجيس:

 تفطني… وتمهلي… ثم تصدقي…

صاحت إحدى الأخوات من آخر الرواق وقالت:

لقد أفاقت إيفات…

(إلى اللقاء في الخطوة القادمة من رواية «خطوات»)                          

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى