
- التلاميذ والزلعة - 1 ديسمبر، 2022
- حصاد رمضان - 26 أبريل، 2021
- التوائم المتناقضة - 1 يوليو، 2020
هناك أسطورة تقول أن أحد الأغنياء طلب من بعض الفقراء البدائيين حمل أمتعته والسير معه، كان الأجر مضاعًا، ساروا معه من بلاد إلى بلاد بلا توقُّف، بعد زمن توقفوا ورفضوا السير، سألهم عن السبب، قالوا: لقد سرنا وسرنا حتى سبقت أجسادُنا أرواحنا ، يجب أن نتوقف لتلحق أرواحُنا بأجسادِنا.
هذه وإن كانت أسطورة فقد صارت وصفًا لحالنا جميعًا، وما منا إلا وله فيها نصيب.
لقد أصاب معظمنا لوثة وعدوى التسابق، فكلنا يجري لمجرد أن الجميع يجري، تندفع الأجساد في هلع فتنخلع أجسامُنا عن أرواحنا .
أتذكر أحد الأصدقاء سافر إلى اليمن في الثمانينيات للتدريس، في إحدى المناسبات تواجد في مكان يمتلئ بالشيعة، كانت مناسبة شيعية يقوم فيها الجميع بالبكاء والنحيب.
يقول: رغم أنني غير مقتنع بهذا الفعل، لكن وجدتني أبكي وبحرقة معهم، فقد أصابتني عدواهم ولم أستطع أن أتوقف، فعمل الجمهور يعدي.
بسبب ما يحدث لنا من لوثة وعدوى التسابق، يجب أن يبادر بعضنا بالتوقف لحظة للتأمل ولإعطاء فرصة للحاق الروح بالجسد.
أرواحنا تفارق أجسادنا عند الموت
المدرس أو أستاذ الجامعة، الذي يعطي الدروس ليل نهار ويغالي في أجرته، ليتوقف ليراجع دافعه لإعطاء الدروس، لقد بدأ كوسيلة لتعويض العجز في الراتب، ليسأل نفسه كيف انتهى، هل ما زال يسد العجز أم يلهث لجمع المال وشراء العقارات والثروات، ليتريث قليلًا وليضبط أفعاله، لا نطالبه بالكف، بل مراجعة أهدافه ووضع قاع لمطامعه بما يوفر قدرًا من الرحمة بالطلاب وقدرًا من السمو لمهنته الإنسانية الجليلة.
الطبيب، المهندس، المقاول، المحاسب، رجل الأعمال، المحامي .. الإنسان.
على الكل أن ينتبه، فالروح لا تنفصل عن الجسد إلا مرة واحدة عند انتهاء إمتحان الإنسان في الدنيا، عند الموت، وإن كان كذلك، ماذا نسمي من سبق جسدُه روحَه، أليس هذا نوع من سلب الحياة أو النقص فيها؟!
ليضع الجميع نصب عينه التنسيق التام في مسيرة الحياة بين الروح والجسد، فيسير إنسانًا كامل الإنسانية، لا يغفل عن إنسانيته، ولا يخضع لسير القطيع، فالقطيع يجزع وينفلت عدوًا في كل إتجاه تحت داع الغريزة، وما فضَّلنا الله تعالي إلا بنداء العقل والفطرة.