
- أشباح المنامة - 30 نوفمبر، 2022
- حدث في معرض الشارقة - 16 نوفمبر، 2022
- «النخبة» معكم في شهر الصوم - 14 أبريل، 2021
القلم بالنسبة لي رمز لكل العلاقات الإنسانية الحميمة بالمعنى الأرحب لهذا التعبير، وهذا الأمر ينسحب أيضًا على علاقة الإنسان بالكتاب.
فما زلت أتذكر أيامًا مضت، عندما كانت العلاقة بين الأحبة تخلدها خطابات مكتوبة بخط اليد، حتى يظن من يقرأها أنها كانت تسطر بمدادٍ من دم القلب لا من المحبرة.
وقد عايشت وقرأت عن قصص لعلاقات عاطفية استمرت مدى الحياة على صفحات الخطابات المتبادلة دون أن يرى أحدهما الآخر حتى نهاية العمر!
أما علاقتي بالكتاب فأشبه ما يكون بعلاقة الروح بالجسد، فلم يكن الكتاب يفارقني إلا عندما أخلد إلى النوم، ودائمًا ما كان يحلو لي ترديد مقولة المتنبي: خير جليس في الزمان كتاب.
لكن الحال تبدَّل وانتهى بنا في عصر التكنولوجيا إلى خطابات من نوع جديد لا طعم لها ولا رائحة ولا حميمية.
أقصد بذلك الرسائل التي يتبادلها الناس في هذه الأيام بالصوت والصورة على الهواء مباشرة، وهي تنطلق عبر وسائل التواصل الاجتماعي (Social Media) بسرعات مذهلة لتلف العالم شرقه وغربه، شماله وجنوبه، باستخدام أجهزة الكمبيوتر والتليفون المحمول!
لا أحد ينكر فضل التكنولوجيا الحديثة في إلغاء المسافات بهذا الشكل المذهل، وبالرغم من تأكيدنا على ضرورة الأخذ بأسباب العلم والمدنية، إلا أن ذلك لا يمنع من أننا أصبحنا نفتقد تلك الوسائل التي على قدر ما كانت تفصل بيننا من مسافات,، فإنها تقرب بين الأرواح والنفوس والقلوب!
السؤال الذي يطرح نفسه هو:
هل من سبيل إلى استعادة تلك العلاقة الإنسانية الحميمة بين الإنسان والكتاب؟!
هذا الأمر، يتطلب منا- كدور نشر خاصة- العمل على تشجيع المؤلفين والكُتّاب في مختلف التخصصات على إبداع مضمون يناسب متطلبات العصر، ثم نقدمه نحن الناشرين في شكل مبتكر يجذب القارئ مرة ثانية للكتاب، وهذه الحلقة ينبغي أن تكتمل بدور القارئ نفسه الذي يجب أن يخصص جزءًا من وقته في المطالعة والقراءة، وأن يعوِّد أبناءه على هذه الفضيلة الغائبة من حياتنا…