إبداع

«أصناموفوبيا» أرشفة للأحداث الإرهابية في العراق

«راسم الحديثي» يعمل على منجزه الإبداعي بطريقة مغايرة عن الكثير من الذين سبقوه

قاسم ماضي

رواية «أصناموفوبيا» للكاتب والروائي راسم عبد القادر الحديثي الصادرة عن دار النخبة، هي تسلط للضوء على الأحداث الإرهابية التي طالت أبناء الشعب العراقي منذ 2003 إلى 2007 .

دأب الروائي راسم عبد القادر على حياكة ما يكتبه في أعماله الروائية والقصصية التي نشرها في عدة دور نشر عربية وعراقية، وهو يعمل على منجزه الإبداعي بطريقة مغايرة عن الكثير من الذين سبقوه والذين زاملوه في هذا المجال الصعب من الكتابة.

 وحتى لا يغيب عن بالنا وعن بال الكثير من المعنيين بالكتابة، فالكتابة هي وظيفة أرشيفية تقوم بوظيفة الذاكرة فتخزن كلما يخص الإنسان. والمشتغلون في هذا المجال وأقصد (الكتابة الروائية) يعملون من أجل ردم الهوة الحاصلة بين الوعي واللاوعي في هذه الحياة؛ بإعتبارها هي جنس أدبي نثري، يقوم على الحكي القصصي المرتكز على الخيال.

رواية «أصناموفوبيا» تتصدى للأحداث العراقية

وتصدت الرواية لتلك الأحداث التي عاشها شعبنا العراقي بعد الغزو الأمريكي على شكل شخصيات معينة ومقسمة على أحداث رئيسية .

حياته اليومية، وكذلك بياناته الشخصية، والتي حرص عليها رغم تعب الحياة التي عاشها في بلده، وأقصد هنا الروائي (عبد القادر).

 وهو الداعي إلى تفعيل وتطوير شخصية الإنسان والنهوض به روحياً ونفسيًا، من خلال كتاباته التي تشكل لديه محطات هامة في رحلة الكتابة، وهي متميزة بالموضوعات والثيمات التي تعالجها، لقد عايش الروائي تلك الأحداث بين ما حصل وبين المتخيل، وهو ينصت بكل كيانه، وتاريخه وذاكرته وأيامه الماضية.

وكذلك يهتم بتوظيف مفاهيم التداولية لضبط خطابه الروائي، وهو بهذا استطاع أن يصوغها في سرده الممتع والمفعم بالقيم الجمالية الخالية من الإسفاف والتشرذم، ولم يتخلَ السارد «عبد القادر» عن مظهره الجمالي في مجمل عوالم هذه الرواية «أصناموفوبيا» وعدم تبعثر رؤاه التي حافظ عليها طوال نسيجه الروائي.

مفاهيم جديدة للأديان في روايات «الحديثي»

وهو متمرس بهذه الصنعة منذ انطلاق روايته الأولى المعنونة «دائرة الخوف» والتي صدرت عام 2012، والتي حولها من مبدأ أثارة الأسئلة التي تخص التعدد، والتعايش، والتنمية، والحريات وحقوق الإنسان؛ إلى أن هناك ضرورة لازمة لعدم اعتبار أي دين أسير زمن نشوئه، فثمة عوامل تاريخية اجتماعية وثقافية تسهم بإنتاج مفاهيم جديدة للأديان، تجعلها حية ومتفاعلة مع كل المتغيرات وفي كل الأزمان.

الروائي هو يضع نصب عينيه كل هذه الأسئلة، محافظاً على منجزه الثري والمتعدد على الدوام لمراقبة ما يحدث في بلده، حيث يرسم شخوصه التي عايشها من خلال واقعهم المشتعل بالطائفية التي أجّج جوانب كبيرة منها الاحتلال الذي إجتاح البلاد، لهذا إنطلق راسم عبد القادر بشخوصه وهو يُعبّر عنهم تعبيرًا دقيقًا مدروسًا وبشكل موضوعي دون تطرف أو إنتماء لعقيدة أودين، فهو مدرس مادة الكيمياء ودخل أثناء دراسته في مختبراتها كي يعطي دواءًا صالحاً إلى هذا العالم الضاج بالحروب والفتن.

فهو يعمل بحرص وجد من أجل إشعال شمعة في وسط هذا الظلام، وفي هذا المتخيل الواقعي في حدود ما هو واقعي، وهو ما حصل ويحصل في هذا المجتمع.

تصوير الحرب الطائفية العراقية

لأنه صوّرَ لنا كارثة أحداث الأعوام 2003من إلى 2007 التي أريد لها أن تكون حربًا طائفية وهو بهذا يطرح العديد من أسئلته المتعبة والتي تحمل في طياتها الكثيرمن الطيبة والمحبة لهذه الناس التي تعايش معها خلال فترة حياته.

فجاء العنوان مُلازماً لمفاهيم هذه الرواية التي تحمل في طيات صفحاتها، إدانة  لهذه الأفكار الخاطئة التي حملها البعض في فلسفته المريضة.

وهو يظهر ويبرز الخلل على عدد الصفحات الممتلئة بالمنغصات التي زرعها الاحتلال الأمريكي بين أبناء الشعب وهو يتجدد بطرحه، هذا الروائي الذي أمعن  كثيرًا في كتابة هذه الرواية، إذ تتجسد أمامنا نص بتركيبة فنية ونظام سردي وجمالي سلس.

عنوان الرواية

«هم وراء صراع أية سمكتين في محيط البحر، ولكن هناك علة فينا أيضاً» ص179 وهنا يأتي العنوان «أصناموفوبيا» مخيفاً من حيث فلسفة هؤلاء المصابين بعقدة الخوف وهو الخوف من الصنم (فوبيا) وهو ظل يحكي عنهم ملمحاً عن ما تعرض إليه في هذه الحرب المستمرة التي استهدفت العراقيين من عام 2003 إلى عام 2007، حتى شخوصه التي رسمها وعمل عليها ظلت أسيره ذاكرته في تلك الفترة الصعبة، ومنهم (اللواء الركن عبدالواحد + منى + مقدم قصي + سرمد + زهير) وهو يشتغل بسرده هذا على فك طلاسم هذا الواقع المزري والمتشظي بفعل الحكومات التي توالت على شعبنا العراقي، وهي طلاسم ملغزة، فجاء هذا (الحكي).

ومن خلال روايته التي طبعت في دار الجواهري ودار النخبة وهي من القطع المتوسط وتقع في صفحة 179. وقلقه الآخر وهواجسه إزاء ما يحدث في واقعه العراقي المُخيّب إلى الآمال والتطلعات كما بقية الشعوب.

اختزال العنوان لشفرات سردية

تقول عنه الناقدة (أشواق النعيمي) تقدم الرواية في الخاتمة أجوبة مقترحة لبعض الأسئلة التي أثارها النص ويكتشف للقارئ عما اختزله العنوان من شفرات سردية وسؤال راوده قبل القراءة، من هم الأصنام المخيفة؟

ولعل اشتقاق عنوان الرواية من مفهوم (الإسلاموفوبيا) الذي راج إعلاميًا في الغرب بعد أحداث الحادي من  سبتمبر 2001 كان خطوة موفقة للتعبير عن فوضى التعصب الناجم عن الجهل، ويحمل دلالة مهمة في التعبير عن الإرهابيين الذين باتوا عبيدًا لتلك الأصنام التي كانت ولا تزال تحرك مارد العنصرية والطائفية لديهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى