إبداع

الإريتري الذي اختطفه التاريخ واستعصى على الجغرافيا

مفرح سرحان: الأديب هاشم محمود برع في توظيف الأبطال عبر صور فنية متناغمة

مفرح سرحان

تحت عنوان «الإريتري هاشم محمود الذي اختطفه التاريخ واستعصى على الجغرافيا» كتب مفرح سرحان في بوابة الأهرام الإلكترونية متناولًا بالبحث والدراسة أعمال الكاتب هاشم محمود..

وجاء في المقال:

في خطه السردي الذي انتهجه منذ صدور عمله الأول «الطريق إلى أدال»، وانتهاء بمجموعته «الانتحار على أنغام الموسيقى» عن دار النخبة، يبدو الأديب الإريتري هاشم محمود مغرمًا بتاريخ بلاده الذي يختطفه فيما سطره من إبداعات خلال الفترة الزمنية بين العملين السابقين.

وهو ما يمكن أن تلمحه دونما جهد في مجموعة «شتاء أسمرا» وروايتي «تقوربا» و «عطر البارود» عن دار النخبة ، والرواية الأخيرة فازت بأفضل رواية إفريقية مكتوبة باللغة العربية في أواخر العام المنصرم.

 

هاشم محمود يوثق نضال شعب إريتريا

التاريخ الإريتري هو البطل المحوري في أعمال هاشم محمود، بينما تجري الشخوص والأمكنة حوله في مدارات مرسومة بعناية لتبرز في النهاية التاريخ كغاية للسرد من ناحية، وتوثيق لنضال هذا الشعب ضد الاستعمارين الإيطالي والإثيوبي من ناحية أخرى.

وفي السرد تموج الأعمال بأبطال كُثر يبرع الكاتب في توظيفها عبر صور فنية متتاغمة، تخرج القصة/الرواية من الحكي إلى أبعاد ميتافيزيقية تجنح إلى الفلسفة المستوحاة من التاريخ.

إن قراءة سريعة فقط لعناوين أعمال هاشم محمود، تنبئ عن بلاده ومدنها وطبيعتها وطبائعها ونضالها، من آدال إلى تقوربا إلى أسمرا إلى البارود الذي تجرأ الكاتب على وصمه بالعطر لتخليد كلمة جبهة التحرير الإريترية التي أسدلت الستار على احتلال الجارة إثيوبيا.

هو إذن أدب مقاومة بروح إفريقية جديدة، تتماهى مع صفحة جديدة أيضًا في مسيرة القارة السمراء إلى مستقبل تمحو فيه آثار الماضي المكتوب بالغزاة والدماء والفقر والدمار، الذي تململت فيه دول القارة على مدار عقود طويلة.

يمثل أدب هاشم محمود، حلقات مترابطة في سلسلة طويلة من السرد (رواية وقصة)، وربما يمتد مشروعه ليطال أعمالًا أخرى في ظل ما يفاجئنا به كل عام من أعمال جديدة تنتمي إلى الرواية المعرفية التي لا تخلو من شعر أظنه سيكون حلقة أخرى في هذه السلسلة الإبداعية.

 

التيار الحديث من الأدب الإفريقي

يمثل هاشم محمود تيارًا حداثيًا من الأدب الإفريقي، كان له حضور بارز في معرض القاهرة الدولي للكتاب، هذا التيار اتجه بقوة إلى القاهرة التي يعتبرها الكاتب الإريتري قبلة إفريقيا وبوابتها إلى استعادة ما فات هذه البلاد، وقد سألته مرة: لماذا القاهرة؟، فأجاب: «ومن غير القاهرة؟ هنا وجدت جبهة التحرير الإريتري الدعم، من لم يمر هنا لن يمر.. في القاهرة وجدنا أسمرا».

من إريتريا مولدًا ونشأة، إلى القاهرة نشرًا وإبداعًا، إلى الخليج العربي عملًا وإقامة، استعصى الروائي هاشم محمود على الجغرافيا أن تحيد سرده عن التاريخ الذي اختطفه في أعماله؛ ليكون رائد تيار الحداثة القادم من بلاده وإن استتر بعباءة التاريخ مهما باعدته الجغرافيا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى