إبداع

الاستعارة أداة توصيل جميع العلوم والمعارف

الكلمة لا يتجدد معناها ومدلولها إلا من خلال تفاعلها مع ألفاظ أخرى

أحمد مثنى
Latest posts by أحمد مثنى (see all)

تعد الاستعارة أحد أدوات البلاغة، وقد استخدمت من قِبل النقاد السلف كثر الله خيرهم وبحسب معارفهم في تلك الظروف الي لم تسعفهم في توظيف هذه الأداة بتنويع وشمولية.

وكما هو الحال في تعاطي العديد من النقاد والمعاصرين مع الأداة باعتبارها من منظور تفاعلي تمثل تفاعل ذهني بين مجالات متعددة، وليس مقتصرًا على معنى محدد، وإنها لم تُعد شكلًا بلاغيًا عامًا أو بيانًا يعنى بالزخرف، أو التنميق اللفظي أو التوشية التركيبية الأسلوبية.

بل لقد أضحت من خلال (ريتشاردز) بإضافته الدال على المدلول؛ بغية الحصول على معنى تحولي تتعدد من خلاله أهداف الاستعاره وتتنوع، وتتوزع ما بين جمالية وتشخيصية وتجسيدية.

تصاحبه وتتماس معه عمليات معرفية متعددة، وهي تتماس كذلك مع علوم ومعارف أخرى مثل علم النفس، علم الاجتماع، وعلم الفلسفة.

الاستعارة لم تعد حكرًا على الأدب

ويذهب العديد من النقاد المعاصرين إلى القول بأن الاستعارة لم تعد حكرًا على الأدب، بل أضحت من الأمور التي نحيا بها من جميع جوانب حياتنا، وهي ربما تكون في الشعر أكثر قدرة على أداء الوظيفة التداولية والمعرفية، لقدرتها على نقل الخطاب من المعنى الحرفي أو اللغوي، إلى المعنى المعرفي أو التصوري المراد التعبير عنه.

ووفقًا للنظرية التفاعليه فإن الكلمة لا يتجدد معناها ومدلولها الاستعاري إلا من خلال تفاعلها ولقائها مع الكلمات الأخرى، بوصفها متوالية معنوية ومجموعة تراكمية من الإدراكات ووفقًا للدلالة المعرفية للاستعارة، فإنها دلاليًا تشكلت من مكونها اللفظي تتزامل مع المعرفة والفكر.

ومن هناك تصبح الاستعاره بناءً معرفيًا، وهذا ما تؤكده جلُّ الدراسات والبحوث الحديثة، حيث أصبح الاهتمام لا يعد نمودجًا للتعبير المعرفي، بحيث أصبح البحث في جنابها يُعد انعكاسًا للتطورات التي تشهدها العلوم والمعارف، فضلًا عن أنها تولي اهتمامًا بالغًا بالمتلقي.

وقد أبان (فان دايك) عن أن وظيفة البنيات البلاغية والاستعارية، تستهدف نجاعة النص في المقام التوصيلي، لكي يوفر شروط القبول لنصه عند المتلقي، ولكي يراها كذلك أنه قد أحدث معرفة أو أثرًا، مع اختلاف المخاطبين، من حيث اختلاف معارفهم وثقافتهم وقدراتهم على سبر غور النص المرسل إليهم.

وإجمالًا فإن أداة الاستعارة لم تعد تلك المقصورة على الأدب والشعر، فهي اليوم ومع الدراسات والبحوث والعلوم والمعارف المعاصرة، أضحت تحتل مكانة أوسع وأشمل.

جهود السلف في مجال البلاغة

ولكون الاستعارة أداة من أدوات البلاغة، فهي لدن محمد عبد الباسط عيد، الكاتب والناقد المصري، وكما أورد كذلك فهي تتصل بمفهوم الهوية الوطنية والمطالب الاجتماعية، لدن النقاد الرواد وأساتذة النهضه العربية، لكونها تراث لا يجب التخلي عنه.

ولكن بصيغته القديمة وبمفهوم السلف ممن بذلوا جهودًا طيبة في مضمار البحث والتنقيب حول مفهوم البلاغة وتعدد مشاربها، فهي بدت غير قادرة على استيعاب المطالب المعاصرة، وكان من الضروري أن يتجه الرواد إلى دورات جديدة من المثاقفة العربية الغربية، تغدو البلاغه ومعها الثقافه العربيه من ابناء هذا العصر بل ومن الفاعليه فيه.

ولكي تغدو كما أورد الناقد المصري أمين خولي «أن لا تكون تابعًا لماضيك أو حاضر غيرك» إذ لا بد لك من حاضر دون أن تتنكر لماضيك، بل استشرافًا للحاضر والغد ونحن على إدراك بالأنساق البلاغية الفاعلة؛ للتناقش مع مختلف الثقافات الإنسانية، بقصد تغير الواقع والرؤية للعالم.

ولنضيف ونثري النقاشات والمثاقفات والحياة معًا، هكذا أراد أمين الخولي أن يقدم رؤية تجديدية للبلاغة العربية، التي أضحت مشدودة إلى دائرة الإعجاز القرآني لدن البلاغيين السلف، حيث يرى أن البلاغة فن يجب أن يكون بين البلاغيتين القرآنية والأدبية، وهي فن يتسع لمقاربة أشكال القول وأجناسها المختلفة وما يمتاز بها كل جنس قولي عما سواه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى