إبداع

التوائم المتناقضة

لا بد أن ننزع فتيل التوتر من المجتمع

ايمن محمد جبر
Latest posts by ايمن محمد جبر (see all)
 لو نظرت إلى كل ثورين متناطحين لوجدت أنهما؛ يكادا أن يكونا توأمين أو وجهين لعملة واحدة. هناك مثل يقول (كل شيله يشبه له، حتى الحمار واللي آنيه)، بمعنى أن الاختلاط بين الاثنين، سواء اختلاط ودي أو عدائي يجعل الاثنين متشابهين، ويبالغ المثال في تأكيد النظرية بأن حتى الحمار وصاحبه الإنسان ينبت تشابه بينهما.
 
أذكر في طفولتي أن كان لي صديق مقرب، كان له أخ وأخت كانت أسماؤهم الثلاثة متطابقة مع اسمي وأسماء إخوتي، كان مسيحيًا بينما أنا مسلم، وكانت الأسماء الشائعة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين هي: أيمن، أشرف، مجدي، إيمان، سامي، فكري،.. الخ، أسماء مصرية خالصة.
 
ثم حدث توتر سياسي فاستعان بالديني، وبدون الدخول في التفاصيل، كان من آثاره الجانبية الخطيرة المفاصلة بين المسيحي والمسلم في مصر، فأصبحت الأسماء المسلمة دينية، وأصبحت الأسماء المسيحية دينية.
 
أسماء صعبة على الآذان وتشعرك بالوحشة، وهذا نموذج وحيد من التوتر المتبادل الذي هو شبيه بالتوتر الثيراني. وزاد التوتر والانعزال والتمايز الإسلامي عن المسيحي في مصر؛ فأصبح الطرفان متدينين في دائرتين تزيد في التباعد والانعزال.
 
أيضا؛ من ينظر إلى السني والشيعي في القنوات التي تبث طوال اليوم؛ نفس العقلية ونفس اللسان ونفس النفسية ونفس المشاعر. لقد تسبب الصراع بينهما إلى أن ظلت ذبذباتهما المتباعدة تتصارع وتتناكح وتتقارب حتى كادت تتطابق رغم التناقض الظاهري بينهما. الصراع بين النقيضين يحول كل منهما إلى توأم متناقض في الشكل ومتطابق في الظاهر والباطن.. حين يتوتر الأول تنتقل العدوى للآخر فيتوتر.
 
التوتر هو الشعور السائد منذ زوال الاحتلال، منذ سبعين عامًا. لا بد أن ندرك أننا متوترون، ولا بد أن نتفق على ضرورة نزع فتيل التوتر. لا بد من أن يمتلك أحد الطرفين وعيًا يمنعه من الاستجابة التوترية. لا بد من أن نتجه بانتباهنا وهمنا إلى المجتمع فننزع منه كل أسباب التوتر المتبادلة.
 
هذه عينة واحدة من الثورة المجتمعية التي نحتاجها.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى