
- الجندر وإشكالية المساواة - 14 نوفمبر، 2023
- هل النقد أسطوري؟ - 3 أكتوبر، 2023
- جنون «كورونا» - 27 يونيو، 2020
من الضرورة أن نبدأ بهذا السؤال: ما نوع المساواة التي تنادي بها المنظمات الدولية وما حدود تلك المساواة وما حدود الحرية المطالب بها، هل المطلقة أم المنضبطة؟
لنقل: المساواة بين الجنسين هي المساواة بين الرجل والمرأة وتضمن مفهوم أننا جميعًا بشر، فالرجال والنساء هم أحرار في تطوير قدراتهم الشخصية، وليصنعوا القرارت بدون الحدود المرسومة بواسطة الأفكار النمطية، كذلك المساواة بين الجنسين تعني أن السلوكيات المختلفة والتطلعات واحتياجات المرأة والرجل يجب أن تؤخذ في الاعتبار ويتم تقييمها وتفضيلها بمنتهى العدالة.
هذا لا يعني أن الرجل والمرأة يجب أن يكونوا متشابهين، ولكن حقوقهم ومسؤولياتهم وفرصهم لا تعتمد على نوع جنسي إلا ما اختص بالتكوين الجسدي لكل منهما، والمساواة بين الجنسين تعني الإنصاف في المعاملة بين الرجل والمرأة طبقًا لاحتياجاتهم دون الخلط في الخصوصيات. هذا من الممكن أن يتضمن المساواة في المعاملة أو المعاملة المختلفة ولكن الاهتمام بالمساواة في الحقوق والمنافع والواجبات والفرص… وهي ثمة مفهوم آخر للمساواة؟ إن الفرص المتاحة للنساء والرجال على كونهم ولدوا ذكورًا أو إناثاً، وهي تعني أيضاً أن التوزيع المتساوي للمقدارت الاقتصادية يجب أن يُفهم في إطار التوزيع المتساوي للفرص والقدرة على التأثير والقوة الاجتماعية..
من هذا الفهم للمساواة لا نجد حاجة للتسلل إلى خصوصيات الأشخاص.
ونرى هنا: إذا كانت المساواة في العمل فلا يصح ذلك فبعض الأعمال لا تناسب النساء، وإذا كانت في المساواة الجنسية فلن يصح أيضًا؛ فالمرأة وعاء وليس بالإمكان تبادل الأدوار بين الذكر والأنثى، ولو قصدت المساواة الاقتصادية فالنفقات غالبًا ما يكون الرجل هو المسؤول عنها.
والمساواة إذن نسبية لايمكن تحديدها على وجو الدقة، ومصطلح المساواة بحد ذاته بحاجة إلى تعريف محدد وواضح، من هنا لابد من استعراض الحجج:
أولًا: حجية العدالة الجندرية:
جاءت الكثير من الآراء حول الجندر هو تحقيق العدالة بين الجنسين على أساس احترام الخصوصيات وتلك حجة واهية؛ فمنظمات حقوق المرأة ركزت في معظم ملتقياتها على حقوق المرأة وحقوق الطفل على مستوى العالم وألزمت الدول بما فيها الشرق الأوسط باحترام تلك الحقوق، إلا أن هناك محددات وموجهات للاحترام تفرضها أعراف وديانة كل مجتمع؛ بمعنى أن في الأمر خصوصية ما وهذا حق للمجتمع ذاته وأي تدخل خارجي يعني الخرق والتجاوز لخصوصيات المجتمع. فتقول (عدالة الجندرية).
العدالة هي العدالة في التعامل مع كل من الرجال والنساء بناء على الاحترام الكامل لاحتياجاتهم، ويتضمن ذلك تعاملات عادلة أو تعاملات مختلفة لكنها تعتمد على المساواة في الحقوق والمكتسبات والحريات المدنية والسياسية، وكذلك الفرص.
ثانيًا: حجية الاتجاهات:
ادعت الجندرة تحقيق عملية إدراج النساء والرجال في كافة عمليات التخطيط بما في ذلك صنع التشريعات والسياسات والبرامج في كل المناطق وعلى المستويات كافة، وهي استراتيجية جعلت اهتمامات وخبرات الرجال والنساء عناصر أساسية في تصميم وتنفيذ وتقييم السياسات والبرامج في كافة السياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
نجد أن هذه الحجة واهية؛ ففي كل بلدان العالم تسهم المرأة بلا أدنى جندرة بذلك من حيث التخطيط والتشريع والتنظيم والتنفيذ بمستويات مختلفة وبصرف النظر عن الحالات الشاذة هنا وهناك فهل هذه الحجة مسحوق يلمع وجه الرؤية الجندرية؟
هذا ما اعتقده لأن عملية الإقناع التي سار عليها المنظرون تقتضي الولوج من الأماكن الرخوة دائمًا ولعل الادعاء في ذريعة الاتجاهات لا يمكن لها الصمود أمام الواقع المعاش.
ثالثًا: الآليات المعتمدة في تحليل الجندرة:
تدعي الجندرية أنها تعتمد ادوات علمية في تحليل الفروق بين الجنسين من خلال خرق الخصوصية الفردية وصولًا لتحقق نتائج التحليل، وفرضت الجندرة تغيير بعض المصطلحات السائدة والتي نناقشها تباعًا.
من كتاب «الجندر من العقلية إلى الجسدية» الصادر عن دار النخبة للنشر والطباعة والتوزيع