
- رمزية الحيوان والتأويل في «المسميات الحيوانية…» - 24 يونيو، 2023
- (قصيدة) الحطب - 23 فبراير، 2021
- صدق التعبير في كتاب «كشكول ومنوعات» - 10 فبراير، 2021
كنت غريبا في غابة الحياة
أنكرتني الأشياء ولم أنكر فيها
قداسة التكوين
كنت أعلم
أن كل وردة في الطريق صديقتي
وكل شجرة هي أمي
وكل أنثى هي الدنيا بكاملها
لكن وجدت الأخرس أكثر بلاغة
ووجدت النوافذ أكثر كرما من الأبواب
ذلك أن الأبواب خرساء بالمعاني
لا تملك إلا القفل والقدم والاندحار
كم يؤلمني
أولئك الأقزام
وهم يتشبثون بأسيادهم
كنت قادرا على امتلاك المحيطات
ولكني أكتفي بساقية عذبة ونسيم لطيف
وأنت أنت النسيم
الذي يلطف الموجودات
ويلطف روحي
تلك الروح
التي عذبها الطموح والكبرياء
وتلك النار التي تشب في الأوراق
أوراق الكلام المعلق بالبلاغة
والناضج مثل التين
أنت بستان من البسمات
وأنا حطب من الآهات
تلك الفراغات
ح يتمتع بها الجالسون على الكراسي
وأنا رجل بلا عينين ضاعت علي الألوان والمشاهد الجميلة
واختفت الطيور من بساتيني فبساتيني هادئة لا أحد فيها
وغاباتي مكللة بالحزن ومتوشحة بالحسرات
أنا رجل بريء السلوك
أهتف لجان جاك روسو
وأناصر أول إنسان في الأرض
حين كان ابنا لها
أنا رجل لا يسير على الطرقات
إنما يسير على الغيم
وربما رقد فوق سرير من ضوء
وربما أيقظني
عطر تسلل من أغصان الورد
يا إلهي
كيف جعلتني عارفا
وأنا لا أعرف شيئا
كيف جعلت لي مدينة من الخذلان؟
وأنا طريق وحيد متفرد العثرات
وغريب الأضواء
تلك الأضواء اللامعة من وراء الضباب
أنا رجل من ضباب
في مدينة الضباب
أنا شاعر بلا شاعرية
وكأس بلا خمر
ونهر بلا زوارق
أنا ملحمة مطعونة بالخاصرة
أنا كلام ضائع فوق الماء
أنا أحلام موزعة على الطرقات
أنا حمامة غريبة
طرقت النوافذ الزجاجية بمنقارها
باحثة عما تأوي إليه
أنا العبقرية الكاذبة
والإلهام المرسوم
والقصائد الغافية
على سرائر الوهم
أنا ابن طويريج التي عذبتني
بجسرها الحزين
أنا ابن تلك الشواطيء الساحرة
والفجر الهاديء
والحماميل
والأسواق المعطرة
والمقاهي الباكية
والشوارع الندية
والأشجار الواقفة كالفاتنات
أنا رجل المعنى
وأديب الظلام
أنا شاعر
أسير بلا قافية ولا أوزان
أنا ضارب النحو بجاكوج العباقرة
أنا الوحي الذي أريد
أنا حلاج هذا العصر
وهولاكو الشائعات