
Latest posts by خالد مهدي الشمري (see all)
- «مثلث الموت» أحداث حقيقية في أماكن خيالية - 11 سبتمبر، 2020
- لا للنقد الهادم.. نعم للنقد الهادف! - 9 أغسطس، 2020
- قصة غرائبية أبطالها بلا رؤوس! - 14 يوليو، 2020
يسحرنا دائمًا في كتاباته وتناوله للشخصيات وجمال الصور السردية التي تلامس الواقع المر الذي نعيشه.
الكاتب الروائي أحمد خلف ، أتوقف قليلًا عند مدخل روايته «ذئاب على الأبواب» الصادرة عن دار النخبه بالقاهرة، وأقف عند النافذة وما خلفها.
الحروف الأولى للرواية تشويقية وأقر ببراعة الكاتب في تعميق الصلة بينه وبين المتلقي، وتعميق هذه الصلة عبْر بث فكرة التشويق والترقُّب، يسرح الخيال لِما خلف النافذة وتجول الأفكار الكثيرة.
مع استمرار السرد نجد أنفسنا نحن البطل، يختار الروائي شخصياته بعناية ويدور حول الحدث بتقصِّي المفردات الجميلة، والاجمل وصف الأمكنة، ومتابعة أحداث بطلنا الغارق بالمآسي، ولن نستغرب أبدًا أي مصيبة أو حدث مؤلم، لأننا وبكل بساطة نعيش البؤس ذاته، لكن الروائي جعلنا نشفق على البطل عبْر دراية روائية وخبرة كبيرة.
لا بد من القول أن الحياة معركة بين الأخيار والأشرار، كما أشار الروائي أحمد خلف، ومعركة يوسف معركة تمر علينا نحن يوميًا.
خيوط يظهرها الكاتب بعد الصفحات العشر الأولى عن الأشرار الذين يلاحقون البطل «يوسف»، وأقصد بطل الرواية والأشرار الذين فجَّروا بيته وقتلوا عائلته.
بين طيات هذا الحلم وبين يوسف والغطاس أجول بين الحروف أبحث عن الأسباب وتداعيات تفجير بيته وقتل عائلته.
جمل جميلة ومترابطة تدفع المتلقي للغوص في خفايا الروي والاستمرار. يمضي السرد بين الهروب والترقُّب وفُتات الأمل المتبقي.
أحمد خلف يحرك الشخوص نحو إشكالية الواقع
تحدث أحمد خلف بصيغة الراوي العليم حيث كان يحرك الشخوص بزاوية تلائم البطل، ومن خلال حركات ومحادثات أوصلنا إلى الكم الكبير من المرارة والألم الذي نعيشه كل يوم، واستدراج المتلقي نحو إشكالية معينة.
يذهب بنا إلى استنتاج واضح ومجريات الأحداث الجارية، والتي جرت حول العالم ومنها الطفل الصغير الذي جرفه السيل بعد غرق عبارة لمهاجرين؛ ليكون اللوم الأكبر على السياسة والسياسيين كما في ص28.
مقطع من ص30 : «لا يمكن لهذا أن يحصل أمام أنظار المسئولين في الدولة ولا يردعون الموت المجاني الذي أكل الأخضر والتهم اليابس».
في أغلب القصص (للتشويق) يضع الكاتب الجنس اللطيف جسرًا للعبور، لكن في رواية «الذئاب على الأبواب» كانت (عبير) محطة انطلاق النص نحو الارتقاء والنشوة كذلك لم تكن عائقًا نحو استدراج المتلقي إلى أهداف مضمرة في النص وتعريف المتلقي بأدق التفاصيل.
حقبة معينة من تاريخ العراق ولا بد من فهم رأي الراوي الذي يصب في أن الحكومات المتعاقبة والسياسة هي سبب كل الجرائم التي تحدث وما زالت تحدث.
أحمد خلف في روايته «الذئاب على الأبواب» ينقلنا عبْر (يوسف) إلى عالم الحرب مع إيران، ويوصلنا إلى حقيقة أن الجنود لم تكن لهم الرغبة في الحرب، بل الأكثر من هذا لم يعرفوا عدوهم الحقيقي.
وهناك تفريق طبقي بين أفراد المجتمع في لحظةٍ ما يذهب بطل الرواية إلى فلسفة المواقف وفلسفة الأشياء.
كذلك يطرح أسئلة تبحث عن إجابات تستفز المتلقي كي يدور الفكرة مرارًا في رأسه، وفي سطور أخرى تصل إلى إجابات مختلفة، لكن كلها تصب في حقيقة واحدة، كلنا في واقع مُر واحد متشابه، نصنع لأنفسنا عدوًا إن لم نجد، نعيش الرعب الدائم، ما حدث في العراق ويحدث اليوم لا يمكن استيعابه بسهولة.
النهاية المفتوحة والفرصة لتخيل القارىء
يستخدم أحمد خلف، الخبرة في إيحاء الأفكار ليدور بنا صوب التخيل لا بد أني وضعت أكثر من نهاية، فقد تخيلت أن كل ما يدور هو وهم، أو حالة من المرض النفسي، وأحيانا أميل إلى أنَّ ما حدث ويحدث هو حلم، بل توهمت في بعض الأوراق أنه يكتب رواية ويحكي أحداثها، ويدير شخوصها، لكن توقفت مبهوتًا عند النهاية المفتوحة التي صنعها الراوي، حيث نزل (يوسف) لملاقاة العدو الذي يلاحقه ولا يعرفه أصلًا.
لم نعرف هل انتصر أم مات! هناك حقيقة أم خيال!
لكنه نجح نجاحًا كبيرًا في السيطرة على أحاسيسنا طوال الفترة الماضية من الرواية.
قدَّم الروائي أحمد خلف لنا بعض الدروس، منها عدم الهروب ومواجهة الأعداء والتسلح بالحذر المستمر، قد نقدم بعض التنازلات حينما نجد أنفسنا في موقف الضعف كما حدث مع (يوسف) الضابط، حينما لم يعاقب جنوده على أفعالهم التي كانوا يستحقون عليها العقاب.
قدم أيضًا درسًا سياسيًا بليغًا، ألا وهو ما يجري اليوم وغدًا من تردِّي للواقع المعيشي والاجتماعي يقع بعاتق فعل سياسي مع سبق الإصرار، وما بنا من فوضوية ناجمة عن تفشي العصابات المتخفية خلف سياسيين كبار.