إبداع

الرواية.. عالم الشباب المنشود

يرى القارىء نفسه في إحدى الشخصيات أو داخل الأحداث

هانى داوود

 الرواية الأدبيَّة هي شكل من أشكال السرد النثري القصصي المُطوّل المحتوي على العديد من الحوارات، وأنها تتضمن العديد من الشخصيات بكل خلجاتها ومشاعرها وانفعالاتها الخاصة، وهي مزج من الواقع وخيال الكاتب الذي يعرض وجهة نظره بإسهاب في موضوع ما بكل الوصف التفصيلي لعناصر الزمان والمكان والأحداث.

والكاتب المبدع الذي يتمتع بقدرات أدبية وتعبيرية ورؤية ناضجة ومشاعر مرهفة ومصداقية فائقة، ينسج الأحداث بحرفية وتشويق رائع ويبذل قصارى جهده في جعل القارىء المتلقي يتعايش معه في الأحداث، ويتفاعل مع الشخصيات وكأنه يعيش بينهم.

وقد يرى القارىء نفسه أحيانًا كثيرة في إحدى هذه الشخصيات أو داخل هذه الأحداث بل ويتقمصها أحيانًا بكل كيانه ومشاعره.

فرسان الرواية العربية

وكانت روايات الرائد محمد حسين هيكل ومن بعده طه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهم من الأساتذة الكبار، الذين أبدعوا في فن كتابة الرواية نبعًا عذبًا أخذ ينهل منه فناني السينما والمسرح فظهرت أعمال ما زالت خالده حتى يومنا هذا.

ونظرًا لما قلنا فإن الرواية هي الشكل الذي يمكن أن يعيش من خلاله القارىء المتلقي حياة أخرى قد تكون له أمنية او أملًا منشودًا؛ ومن هذا المنطلق كان اتجاه الشباب نحو هذا الصنف الأدبي بشكل خاص لأن آمال الشباب وطموحاتهم البكر وكذلك رؤيتهم لمستقبل يحمل فيه طياته أغلى الأمنيات.

وكذلك في حياة اجتماعية مأمولة تجعلهم يسعون إلى هذا الصنف الأدبي بالذات فهم يتعايشون مع الأحداث ويتفاعلون معها، وتدور بينهم مناقشات ومحاورات طويلة كل واحد منهم يحمل وجهة نظر فيما قرأ؛ فهذا يؤيد تصرفات وردود أفعال الشخصية الفلانية وآخر لا يؤيد تصرفاتها وردود أفعالها وذاك يؤيد حدث ما ويعتبره مقنعًا وطبيعيًا، وهذا لا يؤيده ويعتبره غير واقعي أو مبالغ فيه.

هذا بالإضافة إلى روايات الخيال العلمي والرعب التي تأخذهم إلى عالم مختلف ينسون فيه الكثير من الواقع لفترة وكأنه هروب من هذا الواقع أو معايشة لواقع مأمول يتمناه لو كان موجودًا، أو تنفيس عن طاقة مكبوته يستشعرها بداخله.

رسالة الفن

هناك أيضًا أمر في غاية الأهمية وهو أن صناعة السينما والمسرح والتليفزيون أصبح يسيطر عليها فكر التربّح بصرف النظر عن فحوى وجدوى وأهمية وجدية المادة المطلوبة؛ أصبح الاتجاه يسعى إلى جذب جماهيري وخاصة بين طائفة الشباب بصرف النظر عما يعطونه لهذا الشباب من قيم.. سفهت الأعمال وانتشر شعار لا وجود له.. انتشر كالنار في الهشيم إلى حد التصديق بأن «الجمهور والشباب عايز كده».

طبعًا هذا هراء الفن هو من يوجّه المتلقي ويحسن من ذوقه ويدفعه نحو الرقي لا أن يهبط به إلى أعماق الغرائز والتفاهات والعنف وتغييب العقول للهروب من المشاكل والهموم بدلاً من التفكير فيها ومواجهتها وإيجاد حل لها. حل العنف مكان لغة الحوار وكأنه هو الحل الوحيد لإقناع الآخرين بما ترغب أنت فيه.

لهذا وجد الكثير من الشباب أنفسهم في الرواية وسعوا إليها وتبادلوا قراءتها وكانت مادة خصبة لحوارات محببة ومنشودة إليهم. وأصبح إقبال الشباب على اقتناء الرواية بكل قوالبها وتوجهاتها هو الخيار الأول والأفضل بالنسبة لهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى