صدر حديثا

«الروتين اليومي»… نقد أدبي واجتماعي

صور قلمية ومشاهد حياتية لبعض الظواهر السلبية في حياتنا الثقافية والسلوكية

صدر حديثًا عن دار النخبة للنشر والطباعة والتوزيع، كتاب «الروتين اليومي» للأديب إبراهيم الديب.

الكتاب يضم مجموعة من المقالات تجمع بين عدة أنواع من الكتابة منها الصور القلمية والمشاهد الحياتية والنقد الأدبي والاجتماعي لبعض الظواهر السلبية في حياتنا الثقافية أو السلوكية، سردها المؤلف بأسلوب أدبي وقد تنتمي أكثر لجنس القصة القصيرة لأنها غاصت بداخل الشخصيات وأبرزت الصفات النفيسة ودوافعها التي جعلتها تظهر بها على هذه الصورة.

أما الجزء الآخر كما يصفه المؤلف هو الذي ينتمي للعقل فهو: مناقشة بعض الأمور والظواهر السلبية في حياتنا الثقافية وانطباعات الكاتب عن قراءة بعض الكتب التي أثرت في تكويني العقلي والنفسي منها كتاب (طلع البدر علينا) لأنيس، وكتاب (نيتشه) للدكتور فؤاد ذكريا، وأيضا عباس العقاد من وجهة أنيس من خلال قراءتي لكتاب (في صالون العقاد كانت لنا أيام).

خواطر أدبية وانطباعات نفسية

يقول المؤلف في مقدمة كتابه: إن شئت الدقة في تصنيف هذه الكتابة تستطيع أن تعتبرها خواطر أدبية وانطباعات نفسية، فهي ليست حكم نهائي وتقييم لأي من الكتاب أو الكتب فلم أدعي ذلك.. وليست حكمة أو  وجهة نظر أطلب من غيري أن يتبناها؛ بل وجهة نظري فيما اعتقدت أنه صحيح لأفض مكنون نفسي على الورق، وأبحث بداخلي عن الشخص الذي أتمنى أن أكونه، منذ دارت نفسي بأفكار الكتب.

ويضيف: هي كتابة أطلقها للخارج لأفض اشتباك وصراع بداخل عقلي ووجداني، فهي تطالب بالخروج معبرة عن نفسها منذ أن سكنت الأعماق وستظل تلح في ذلك ما لم أفعل.

من أجواء الكتاب «الروتين اليومي»

يبدأ حوالي التاسعة صباحًا يتصل بي أحد أفراد المجموعة لتناول قهوة الصباح، وأحيانًا أكون أنا المتصل، وبعد أن تكتمل المجموعة وما زال الصمت يخيم عليها فلا شيء يربط بينها غير المكان والمعرفة السابقة، أما العقول فكل عقل في دنياه وحده، سارح شارد، يحدث أحيانًا العزوف وعدم الرغبة في الحديث والنقاش والجدل الذي نتغذى عليه ونقتاته كل يوم والذي  سيتحول إذا بدأ بعد قليل إلى جدل، ومنه إلى ضجيج ثم لصراخ هذا ما أتخوف وأحاول تفاديه وأعتقد أيضًا أنه هذا ما يتمناه الجميع، ثم يبدأ مشاكس المجموعة على غرة بذكر خبر يتعلق بأي شيء فى كرة القدم… في تعليق على قصة فيلم عربي قديم أو جملة شهيرة على لسان أحد أبطاله، فى السياسة المخادعة المعقدة المراوغة العصية على الفهم، ثم يبدأ النقاش بفتور شديد وعلى مضض ثم يعلو شيئا فشيئا. ثم يتحول بخطى حثيثة لمعركة بالألسن السليطة.

المشاكسة والحرب الكلامية

  ثم ينسي الجميع نفسه ويشتعل النقاش أكثر، ويحتدم وكل منا متعصب متمسك برأيه الذي هو صائب دائمًا ورأي الجميع خطأ، ثم يعلو صوت الجميع بين معترض ومؤيد لوجهة النظر التي هي مثار النقاش، ثم نهدأ قليلًا، ثم نفكك الكون ونركبه من جديد، ثم لا ندع شيئًا حدث بالأمس إلا ودخل مهرسة، ومفرمة التحليل والشرح والتقييم الذي انتقل من النقاش الهادئ شيئًا فشيئًا إلي التلويح بالأذرع وبعض الاحتكاك والمزاح، ثم نحلل ونناقش ثم يطال التحليل آخر أخبار الأصدقاء وخاصة الفاشل منها كنوع من المزاح، ونعرج مرة أخرى على كرة القدم وأسعار اللاعبين والسينما، والمسلسلات، وما كان في الماضي ونتوقع ما سيكون في المستقبل.

ثم يأتي عامل المقهى من أجل تهدئة الحرب الكلامية ومحرقة الحروف بعدة أكواب شاي وقهوة، بسخونة النقاش والجدل ثم ينتهي كل ذلك. وفي كل ليلة نعقد جميعًا العزم على أن لا نعود لذلك إذا اجتمعنا في صباح اليوم التالي… ومنا من يقسم أنه سيترك المجموعة للأبد، ثم نجتمع في الصباح من جديد وأول من يهرع ويتصل لنجتمع هو من أقسم، أن لا يعود أبدًا، ثم يبدأ المشاكس كالعادة من جديد بكلمة واحدة ثم يرد عليه أحدنا بفتور وعلى مضض ثم يحدث ما يحدث كل يوم..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى