
صدر حديثًا عن دار النخبة العربية للنشر والطباعة والتوزيع، رواية «الهيولي» للكاتب طارق عثمان.
«الهيولي»، يبدو عنوان غريبًا ولكن المؤلف يوافي القارئ بمعناه وأصله في خاتمة الرواية، ومن خلال أحداث الرواية التي مزج فيها الواقع بالمتخيل يدرك قارئها لماذا استخدم هذا العنوان.
من هو «الهيولي»؟
يقول المؤلف: الهيولي .. هي تلك المنطقة المجهولة التي لا يدخلها إلا العارفون بالله، يدخلونها أحياء، وستبقى مستعصية أبدًا حتى يحين الموت، فيدخلها الذين قضوا قصرًا.
ويضيف المؤلف: لقد تخطى بطل روايتنا عتبتها دون أن يشعر… فقد كان متفردًا، ليس فقط في حياته، ولكن أيضًا في موته الذي تجرعه ثلاث مرات.. كان أحدها وهو على قيد الحياة!
لقد عاش ميتًا مع الموتى، وحيا عندما مات.. إنه جمال هاملت!
من أجواء الرواية
لا أحد من الجيران يعرف على وجه التحديد لماذا توقف جمال فجأة عن التعليم عندما كان فى الثانوية العامة من سنوات طويلة مضت، وطول فترة إنقطاعه عن الشارع الذى يقطن به وأصدقاء طفولته وصباه .. فقد كان يظهر على فترات متباعدة ليشترى بعض الأغراض ويعود مسرعاً إلى الشقة، يكتفى بتحية خاطفة برفع يده إلى جبهته عندما يقابل أحداً من جيرانه دون أن ينطق بكلمه.
تحير جيرانه فى حالته وإختلفوا بين مشفق وبين خائف من بطشه، وهؤلاء المتأكدون من أنه يعيش مع جان يرافقه ويخاويه .. فقد ترافقت سيرته المتقطعة طوال سنوات مضت مع أحداث دموية ومشاجرات وألفاظ جارحة كثيرة .. ولا شئ أكثر من ذلك .. خاصة مع علم الجميع أنه يعيش وحيداً دون أن يبدى أية مظاهر لحياة طبيعية .. ومع مظهره الغريب وإنعدام تواصله مع الآخرين جعلهم يصنفونه أنه ربما كان مصاباً بمرض نفسى خطير ويجب تحاشيه على أى حال قدر المستطاع.
تزوج إخوته جميعاً وأنتقلوا من الشقة وبقى هو مع أبيه المريض وأمه، إختفت السراويل ذات الفتحات الكبيرة من أسفل (الشارلستون) منذ سنوات طويلة، إلا أنه إستمر فى إرتدائها فى المرات القليلة التى يظهر فيها خارج الشقة .. مات أبوه ولم يخرج للصلاة عليه ودفنه، وهو ما أكد للجميع أنه فى حالة نفسية مريضة، وكانت أمه العجوز تخرج وحيدة مرة شهرياً لتقبض معاشها من أبيه، ثم توقفت عن ذلك الروتين منذ سنوات حتى ماتت منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وللمرة الثانية تكفل بها أخوه بمفرده وكأنه قد سبق الموتى جميعاً خارج نطاق الحياة..