إبداع

انتحار

الحيتان تتميز عنا بأنها تنتحر ولا تقتل بعضها بعضًا

أسامة إبراهيم
Latest posts by أسامة إبراهيم (see all)

لفت نظري مؤخرًا ظاهرة غامضة أثارت اهتمام الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وأعني بها انتحار الحيتان خلال أيام محددة من كل عام…

 تخرج الحيتان بشكل جماعي من أعماق المحيط وتلقي بنفسها على الشواطئ حتى تموت. وفي تلك الأثناء يتجمع الناس على الشواطيء لمشاهدة هذه الظاهرة التي حيرت العلماء وفشلوا في وقفها منذ عشرات السنين.

     فلماذا تقذف الحيتان بنفسها عامدة متعمدة على الشواطئ لتموت؟!

    الموضوع مثير علميًا ومهم اقتصاديًا، وتزيده إثارة وسائل الإعلام الغربية، وتعطيه أهمية ربما أكثر من مصرع عشرات الألوف من أجناس البشر غير البيضاء بفضل الأسلحة الغربية والأيدي الغربية الظاهرة حينًا والمستترة أحيانًا في شكل أدوات تستخدمها لتعميق الإنقسامات بين الشعوب وتوفير الوسائل التي تدفعها للاقتتال الداخلي ومن ثم الإنتحار!

  «ديفيد سيرجنت» عالم بيولوجيا من كندا وأحد أبرز من درسوا هذه الظاهرة على شواطئ أمريكا الشمالية؛ توصَّل إلى نتائج مدهشة في تعليل هذه الظاهرة، منها أن زيادة عدد الحيتان في أمكنة يضيق عليها مجال العيش ومصادر الغذاء، يتسبب لها في اضطرابات نفسية وعضوية سرعان ما تدفعها إلى الإنتحار بهذا الشكل في صورة فردية وجماعية.

ويرجح هذا العالم سببًا آخر هو أن الحيتان عندما تشعر أن وجودها لا معنى له، ولا حكمة من وجودها، فإنها ترمي نفسها خارج المياه، لتلقى حتفها.

وإذا طبقنا نظرية العالم الكندي علينا- نحن المصريين والعرب في هذه السنوات العجاف- نحصل على تطابق عجيب، ففي الفترات التي «يصطادنا» بها أعداؤنا بشكل مباشر، تندر حوادث تناحرنا الجماعي، لكنهم حين يتوقفون لسبب أو لأخر، نبدأ في الاقتتال والتناحر والاختلافات لأسباب تجعل الحليم حيرانًا.

لكن الحقيقة أن الحيتان تتميز عنا بأنها تنتحر ولا تقتل بعضها بعضًا، أما نحن فيصدق علينا قول الشاعر:

كالنار تأكل بعضها

إن لم تجد ما تأكله

أضف إلى ما سبق أن نسبة انتحار الحيتان التي أثارت هذه الضجة، لا تزيد عن 1% من مجموع الحيتان في محيطات العالم، فكم نسبة قتلى حروبنا الجاهلية الأهلية بالقياس إلى نسبة شهدائنا أمام العدو؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى