«تفاصيل مهمة» حول قصة «موسى» و«الخضر»
نقابل في حياتنا الكثير من أشكال القدر لا نعلم أيها خير أم شر

- أبيض وأسود - 22 فبراير، 2022
- البطل المفقود - 9 أكتوبر، 2021
- حصان طروادة - 28 أغسطس، 2021
عندما ذهب (موسى) عليه السلام، للخضر كان يريد أن يعلم علمًا لا يعلمه وهو مَن هو فهو، النبي موسى كليم الله وكان (الخضر) رجلًا صالحًا وهبه الله علمًا من لدنه وعلمًا من لدن العليم، كلمة تحمل الكثير من المعاني.
فعلم الله فوق ما يتصوره البشر وأعلى مما يعلمون، فما سمح الله لنا كبشر قليل قليل من علم الله قال تعالى: «..وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» (الإسراء : 85).
وفي رحلته مع الخضر تبيَّن موسى حقيقة مهمة، حقيقة أراد الله أن يعلمنا إياها عن طريق نبيه، ففضلًا عن أدب التعلم وتلقي العلم الذي ينبغي لطالب العلم أن يتأدب به مع معلمه، إلا أن هدف الرحلة كان أن يعلمنا الله معنى القدر ومعنى الإيمان به، أن في الإيمان بالقدر تكمن حكمة الإيمان بالله لأن في الإيمان بالقدر إيمان بواسع علم الله الذي لا نطّلع إلا على اليسير منه.
والإيمان بالقدر يجعلنا ندرك ما يترآى لنا من ظاهر الفعل والقول والحدث، الذي يجريه الله على الدنيا بقدره يخفي وراءه كثيرًا من الحِكم ولكننا لا نعلم.
أنواع القدر
ويوضح الله لنبيه عن طريق الخضر أنواع القدر في الأحداث التي مروا بها، فكان الخضر بمثابة قدر الله المتحرك في صورة إنسان على الأرض، فكل ما قام به كان قدر الله في الأحداث التي مرت بهم، والقدر كما فهمنا من أحداث القصة إما يكون حدثًا يبدو لنا شرًا في ظاهره ولا نعلم حكمته وقت وقوعه، لكن يكشف لنا الله حكمته وما فيه من خير لنا في حياتنا الدنيا أو في المستقبل القريب، مثل ما حدث مع أصحاب السفينة التي خرقها الخضر فهذا قدَر قد ظهر لموسى أنه شر وتبين فيما بعد أنه خير لأصحاب السفينة.
وإما يكون القدر يبدو شرًا ولكنه في حقيقته خير، ولكن لن يقدر الله لك أن تعلمه طول حياتك، فستعيش طول عمرك لا تعلم ما هو الخير الذي كان وراء هذا الشر وإن كان أثره سيظهر لك في حياتك، فقد يكون شرًا ظاهرًا ولكنه يمنع عنك شرًا حقيقيًا، أو يكون سببًا لأن يبدلك الله ما هو خيرًا مما ظننت أنه خير من قبل.
فهذا علم وحكمة يخفيها الله عن عبده لحكمة يجريها في خلقه، لن يقدر لك أن تعرف به في حياتك حتى وفاتك كما هو الحال في قتل الصبي الذي كان الخضر قد قتلة بإرادة الله لينفذ قدره ولكن الأب لا يعلم أنه كان شرًا وأن الله سيبدله بخير ولن يعلم هذا الأب طول حياته، بل سيظل طول حياته يتصور أن موت ولده فاجعة وشر.
يمنع الله الشر لحكمة منه
وإما أن يكون القدر شرًا منعه الله عنك كان سيحدث ولكن لم يحدث ومنعه الله عنك بدعوة أو بصلاح، وذلك ما حدث مع الجدار الذي كان سيقع وبوقوعه سيخرج كنز يخص صبي كان والده صالحًا فأراد الله أن يبقي الجدار قائمًا ويبقي الكنز بعيدًا عن الأنظار حتى يكبر الصبي ويستخرجه بنفسه.
وهذه هي أشكال القدر التي نقابلها في حياتنا ولكننا لا نعلم أين يكون الخير وأين الشر؟، وعدم إيماننا بأن ما يسوقه الله لنا من أحداث مهما كانت في نظرنا تبدو شر أو مصيبة أن فيه خير، ولكننا لا نعلم، وهذا يجعلنا نجزع ونيأس ونحبط ولن نستطيع تغيير ما حدث، كل ما في الأمر أننا سنكون من الذين قنطوا من رحمة الله، ولكن المطلوب الإيمان بالقدر خيره وشره لأننا لا نعلم أين يكون الخير لنا وقضاء الله دائمًا فيه خير إن الإيمان بالقدر ثقة في علم الله وقدرته.
من كتاب «تفاصيل مهمة» الصادر عن دار النخبة.