أخبارنا

توقيع عقد «أوراق من نفسي» بـ«النخبة»

مقالات تقدم رؤى شخصية إلى القارئ عن أفكار الحياة المتفرقة والمختلفة

شهد مقر دار النخبة العربية بالقاهرة توقيع عقد طباعة ونشر وتوزيع كتاب «أوراق من نفسي» للكاتب أحمد سعيد طنطاوي، وذلك بحضور رئيس مجلس إدارة النخبة الإعلامي أسامة إبراهيم.

يجمع المؤلف في هذا الكتاب مجموعة من المقالات تقدم رؤى شخصية إلى القارئ عن أفكار الحياة المتفرقة والمختلفة.

يقول المؤلف في مقدمة «أوراق من نفسي»

عندما سألت صحفية شابة الروائي الأرجنتيني بورخيس لماذا تنشر أعمالك؟ فأجابها: «ننشرها حتى لا نبقى طوال حياتنا نُصحح المسودات!».

والمعنى أننا عندما نقدم ما كتبناه للقارئ فإننا نتوقف عن تحسين كتاباتنا وإضافة الرتوش إليها يومًا بعد يوم.. وللحقيقة يجب أن نتوقف عن هذا التحسين.. لأنه أمر لابد منه، لذلك يأتي موعد النشر.. تمامًا كصياد أسماك، لابد أن يخرج ما اصطاده إلى السوق إلى النور إلى الناس، مهما يكن حجمه أو نوعه.. ورغم تعدد الأنواع والأشكال والأحجام.. فإنه قابل للأكل وللاستهلاك.

أو كخبير في محل كوافير للجميلات يجب عليه أن يتوقف عن تزيين العروس، عليه أن يتركها تذهب إلى حفل زفافها.. فقد حان موعد التوقف عن إضافة الرتوش، حانت لحظة الحقيقة.

الكاتب يجب عليه أن يترك ما أنتج إلى القارئ، ليرى النور فى شكل كتاب، وأن يتوقف عن التنقيح والتنضيد والتحسين والإضافة.

وما كتبناه يجب أن يخرج، حتى لو فيه بعض الأشياء التي لم تتجمل وبعض الجوانب التي لم تُرمم.. لذلك هذا كتابي، ومقالاتي، فيها بعض مما حاولت الحياة أن تريني إياه وتختبرني فيه، فنقلته وكتبت عنه، فالكتابة فعل تقديم رؤى شخصية للكاتب إلى القارئ.. عن أفكار الحياة المتفرقة والمختلفة.. فهو مني.. ومن نفسي.. ومن شخصيتي.. أستعرض بعض أفكاري وخيالاتي ورؤاي.. متصلة وغير متصلة، متصلة لأنها تنبع من نفس المصدر، وغير متصلة لأن موضوعاتها مختلفة.. حاولت أن أقدمها متفرقة عن الحياة التي تُدهشنا فلا نتوقف، وتشغلنا فلا نرتاح، ونتفلسف فيها كل يوم – كبيرنا وصغيرنا – ومع هذا لا نصبح فلاسفة.. نُفكر كيف نرفض في بداية اليوم كوبًا من الشاي على فطور الصباح، بينما نطلب بتوسل غريب كوبًا ساخنًا – ولعجب الأقدار – لن نتناوله، لنتركه على منضدة العمل لنرحل في خلسة مُتخفين من المدير ومن أفكارنا.. ليظل الكوب يشير إلى أننا وصلنا بالفعل وأننا موجودون.

في كل كلمة كتبتها كنت أحاول أن أقرّب فكرة معينة إلى عقلي لأقتنع بها أولاً.. ثم أنقلها إلى عقل القارئ أو إلى عقل وفكر المسؤول.. قد تكون فكرة خيالية أو تكون ناقصة المعالم والتكوين والصفات.. لضعف أو لنقص المعلومات عندي أو لعدم إمكانية الحصول على المعلومات الدقيقة.. ولكنها محاولة – لا تتوقف ولن – لطرح وزرع الأفكار كبرعم صغير أمام من يريد أن يُكمل الفكرة بالرعاية والعناية.. لقد كانت جزءًا مني وضعتها في حديقة القارئ.. ولكنني حاولت واجتهدت.

حاولت أن أنير على الأقل منطقة واحدة داخل أي عقل وأشعل مصابيح داخل أي قلب، وأصف زهورًا داخل كل حديقة من الكلمات والعناوين.. ولأن الشجرة واحدة والمنبع واحد كانت الأوراق من نفسي.

هكذا هو دور الكتابة، يعطي للكاتب السعادة قبل القارئ، فالحكيم الفرعوني يقول: «اكتب ليبقى اسمك في فم الناس».. أما جارسيا ماركيز يقول: «أكتب ليحبني أصدقائي أكثر».. ولورانس داريل يقول: «لكي أحقق ذاتي».. آلان جوفروا يقول: «لندافع عن أنفسنا على هذه الأرض البيضاء».

ومن وجهة نظري، لو أن كل كاتب نقل ما جال في صدره ليطرحه بين الناس بلا خوف.. لربما تغيرت أحوالنا للأفضل.. فالحضارة هي تراكم الخبرات المعرفية والاجتماعية والإنسانية للبشر.. فالآن أنت تستخدم الدراجة بسلاسة رهيبة وبطريقة منطقية من السرعة والدوران والاتزان.. ولو وضعتها بين أيدي القدماء لقالوا كيف يسير حديد على مطاط، فلا ينقطع المطاط ولا ينثني الحديد.. المنطق قد يغيب في زمن ويكون واضحًا في زمن آخر الفرق بينهما فقط ليس غياب المنطق ولكن غياب العلم والمعرفة.. وبالتحديد غياب التجربة الشخصية.

ولذلك ليس عيبًا أن يكتب الكاتب عن الأنهار والطائرات والمطبات والأشجار وحتى القطط والكلاب.. العيب ألا نناقش أنفسنا بأنفسنا وأن نصمت حين وجب الكلام ونتكلم حين وجب الصمت.. والصمت هو الدخان الذي يخنق الكاتب لأنه لابد أن يتكلم، يتكلم صوتًا أو كتابة، لا يهم المهم ألا يصمت فيختنق.. يتكلم ليهذي أفضل من أن يصمت فيموت.

فلو أن كل كاتب من وجهة نظره، قدم أجمل وأروع وأفضل ما قرأه أو سمعه أو شاهده أو خاض غمارة لاختلفت الدنيا للأفضل.. لكنه التحسين وراء التحسين، والبحث عن كمال النص ودقته أو روعته، مع أن النقص جزء من طبيعة الحياة والبشر.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى