
Latest posts by قاسم ماضي (see all)
- «أصناموفوبيا» أرشفة للأحداث الإرهابية في العراق - 13 مارس، 2021
- «دائرة الخوف» جولة في أقبية العراق - 21 يونيو، 2020
التجوال والتنقل على الورق الأبيض عبر مخيلة عاجة بالكثير من الهموم الطافحة والمسترسلة إلينا، مما ولدت له صراعات نفسية وحربية على المستوى الذاتي، وحتى يقذفها إلى القارئ ويتخلص من سمومها المطوقة عقله وقلبه؛ صبها على الورق الأبيض ، باعتبار الأدب رسالة تهدف إلى التأثير في القارئ.
وبالتالي يشكو «راسم الحديثي» من معاناته ليرسل لنا شفرات إبداعية تتحول البنية على إثرها إلى شمولية الدلالة على مدى اتساعها في نداء أعماقه، وهو صاحب المنجز، كونه عاش التجربة من خلال بطله «الرواي» وشخوصه.
الذي يقول في بداية رواية «دائرة الخوف» : «فتخيل الوطن الحبيب إلى معتقل كبير محاط بأسلاك شائكة، وتنتشر فيه حمى الحديد والنار المخيفة» ص7.
ويتعامل مع شخوصه وذاته كفيلسوف كما يقول (كير كجارد) الفيلسوف الوجودي «إن الحرية ديالكتيك لمقولتين هما: اللا مكان والضرورة»، وظل هاجس الروائي يدور في أقبية وطنه العراق الذي ما زال متسمرًا فيه «لقد حفظت ذاكرتي أهم مشاهداتي وملاحظاتي في الإعتقال الثاني، بعد أن أصبحتُ زبونًا دائمًا ومن يدري» ص85.
«دائرة الخوف» فضاءات من الخوف والحزن والقلق
وبالتالي هو يكشف السرد الرسالي عن وصف وتحليل جوانب معينة ومحددة من تجربة الكاتب الذاتية، والتي تتحرك عبر مسارات عديدة وهي مصدر أساس من مصادر صناعة الرغبة والموت والجنس وأفعال الحياة المختلفة، أراد منها «الحديثي» توصليها إلينا، وهو يدخلنا في فضاءات قسرية مخيفة بل ومرعبة، فيها من الخوف والحزن والقلق الكثير .
«في هذه القاعة تستيقظ على عالم متشابك ومعقد ومتصارع ومعترك واسع بين الخير والشر، وبين الفضيلة والرذيلة» ص29.
كما يقول (سبينوزا): «لا توجد في النفس إرادة مطلقة أي إرادة حرة، بل إن النفس مجبرة على أن تريد هذا الشيء، أو ذاك بمقتضى علة هي أيضًا محددة بعلة أخرى، وهذه العلة بدورها محددة بعلة أخرى، وهكذا إلى ما لا نهاية»
فالرواية هي قريبة من الروايات البوليسية لما تختزنه من مشاهد (مرعبة) وفيها مساحات مختلفة ومتشابكة وفيها من السقم الكثير، وكأنه يحمل كاميرا من نوع حديث (دجتل) ويغوص في أروقة حياة المواطن العربي المسلوب الإرادة، عبر أبطال الرواية من جيل الشباب، ليدخلنا في هذا السرد (الحكي) مستشهدًا في بداية الرواية بمقولة الكاتب (جبران خليل جبران): «إنه حقًا لعجب أن نعيش في هذا اليوم عيشة الكلاب» ص5.
بأن كل خطاب سياسي معطى، ولو كان طويلًا جدًا يستهدف فقط تمرير (فكرة ) يمكنه على الأقل ألا يتضمن إلا مدلولًا كليًا واحدًا.
«لا تحزن، كلنا في الهوا سوا، يختلف حكام العرب في كل شيء، ويتفقون بطريقة حكمهم لشعوبهم» ص74.
الذي يخضع تحت سيطرة الدكتاتوريات التي تحكمه وتتلاعب بمقدراته ،وهو الذي (المواطن) لا يزال لحظة كتابة هذه السطور يعاني الأمرّين في وقتنا الحالي .