إبداع

رؤيا إيفات والراهب

باتي الليلة مع الأخوات وسترين في منامك الأرض التي سترحلين إليها

نزهة محمد المانع
Latest posts by نزهة محمد المانع (see all)

تسارعت الخطى في الرواق ورافقت الأخوات بمهل إيفات حتى وصلنَ إلى حجرة الرّاهب جرجيس..

-تمهّلي ابنتي ولا تخشي شيئًا، فمثلك يسعد ولا يحزن 

-كيف ذلك أبي إنّي أرتجف من الخوف

بشرى لـ إيفات 

-تماسكي واثبتي.. طريقك ليست سهلة ولكنك مجتباة 

-ما معنى هذا يا أبي؟

-ذِكرٌ يحصنُّكِ.. وإمامٌ يرعاك اسمه موصول بالأحمدِ. لكنه لم يظهر إلى الآن وما زال في السّرمد 

– أيحميني إمام لم يظهر بعد بين الخلق؟

– نعم يا ابنتي كذلك الأرواح الموصولة بعين الحق التي تتجلّى منها عُروشِ الحقائِق عَيْن المعارِف الأقوم والصّراطِ الأسقم 

– لم أفهم بعد يا أبي 

– لا عليك، كوني كما أنت ولا تجعلي للزّيغ مكانًا في قلبِك ولا في سمعِك ولا في بصرك ولا في فؤادك 

-كيف ذلك يا أبي؟

– سيأتي بعد قولنا قول ينطق في إسراء «إنّ السّمعَ والبصر والفؤادَ كلّ أولئِك كان عنه مسؤولا»

– ما أروعه من قول!

– اتليه ليخفّف من روعك، وتمهّلي في خطاك واثبتي…

وإنّ اليد التي امتدّت واقتلعت الغراب من داخلك هي يد الاستغفار التي انتزعت منك غربان الآثام ونقتك من زيغ الأيّام

الوردة والعصفور

اتّسعت حدقتا إيفات وقالت بصوت خافت:

– أكمل أرجوك يا أبي

– وأمّا العُصفور الذي تلوّن ريشُه فتلك ألوان الأنغام والغرام… ومتاهات العشقِ وخفقِ القلوبِ… وملذّات الدّنيا وصخبها ذي الألوان والبهتان…

وإنّ صيامَك وصومَك يا ابنتي قد انتزَع من داخلك حبلَ الوصل مع أهل الدّنيا…

وجوهرة الكمال عقذتْ لك العروة الوثقى مع أهل الملإ الأعلى…

– والوردة التي كالدّهان؟… والعقد يا أبي؟

– فأمّا الوردة فستعلمين معناها يوم تفقهين عقباها..

وأمّا العقد فهو مسارٌ مرصّع بلآلئ منطوقة وغير مسبوقة… تفتح الأبواب الموصدة.. وتطفئ النّار الموقَدة

– أكلّ هذا في العقد يا أبي؟

– نعم وأكثر…

– أتعلّمني الأكثر يا أبي؟

-لستِ بنت الدّير… عليك بشيخ من سلالة الخَليل.

-لم أفهم يا أبي

-اطفئي الشموع وباتي الليلة مع الأخوات وسترين في منامك الأرض التي سترحلين إليها والشيخ الذي سيلقّنك العلم  ويوثِّقك بالعهدِ…

«ليلة ثانية تقضيها إيفات بين الأخوات ولكنّها هذه المرّة ستُحسم أمرَها وتُنير دربَها»

فما سرّها؟

(إلى اللقاء في الحلقة القادمة من قصة «خطوات»)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى