
شهر رمضان المبارك، يعتبر مصدر رزق للعاطلين في جميع الدول العربية. في مصر، يعد ظهور المسحراتي في شوارع المدن أول بشائر قدوم شهر رمضان المبارك.
الحاج محمد عبد العظيم البالغ من العمر (64 عامًا) يطوف شوارع حي فيصل بمدينة الجيزة بداية من الساعة الواحد بعد منتصف الليل حتى مطلع الفجر مرتديًا جلبابه وممسكا طبلته مناديًا بنداءات «اصح يا نايم وحد الدايم .. السحور يا عباد الله».
ويقول: «عملي الأساسي هو الفلاحة، أما في شهر رمضان فأتحول إلى مسحراتي وهذه المهنة أعمل بها منذ أن كان عمري خمس سنوات فوالدي يرحمه الله كان يعمل مسحراتي وكان كل ليلة يأخذني معه أثناء قيامه بتسحير أهالي البلدة».
المسحراتي مهنة العاطلين في رمضان
ويضيف أنه يطوف صباح عيد الفطر البيوت التي كان كان يقوم بتسحير سكانه في رمضان ليأخذ ما تجود به البيوت من عيدية سواء مبلغ من المال او بعض كعك العيد في المدن اما في الريف فيقدم له الأرز أو القمح أو الفول.
محمد رضوان من مدينة سيدي سالم بمحافظة كفرالشيخ (شمال مصر) يترك عمله كسائق خلال الشهر الكريم ويشتري أدوات عمل الكنافة اليدوية التي تجد إقبالًا كبير خلال الشهر الكريم.
ويقول إنه يربح منها الكثير نحو 200 جنيه يوميًا. ويضيف أنه بعد انتهاء الشهر الفضيل وأيام عيد الفطر يعود إلي عمله الطبيعي ويخزن أدوات عمل الكنافة انتظارًا لحلول الشهر الكريم مرة أخرى.
وفي منطقة بولاق الدكرور بالجيزة التقينا بالحاج محمود عبد السيد صاحب أحد محال الطرشي الذي بادرنا قائلًا: أن شهر رمضان يعد بمنزلة انتعاشة لنا حيث نقوم قبل حلول شهر رمضان بعدة أيام بفتح برطمانات الطرشي استعدادًا لهذا الشهر الكريم الذي لا تخلو مائدته من المخللات والطرشي خاصة مخللات الجزر والزيتون وغيرها.
فوانيس رمضان
كما تزدهر تجارة الفوانيس بشكل كبير خلال شهر رمضان. وتتركز ورش صنع الفوانيس المحلية وبيعها بالجملة منذ عشرات السنين في مناطق معينة بالقاهرة القديمة مثل منطقة «تحت الربع»، ومنطقة «بركة الفيل».
ويقول الحاج محمود السني، وهو من أشهر صنَّاع وتجار الفوانيس في منطقة تحت الربع: صناعة فوانيس رمضان ليست صناعة موسمية، بل هي موجودة طوال العام، لكن شهر رمضان يمثل موسم بيع إنتاجنا منها، خاصة أن معدلات شرائها تكون مرتفعة جدًا ولا يكاد يخلو بيت من عدد من الفوانيس الجديدة في رمضان من كل عام.
ويضيف، إن شراء الفوانيس لم يعد يقتصر علي الاطفال، وإنما أصبح الفانوس هدية وأداة تزين بها الشوراع والمنازل طوال شهر رمضان.
مهن رمضان في السعودية
في السعودية: بيع العصائر والحلويات مصدر رزق موسمي لكثير من الشباب ما أن يهل شهر رمضان المبارك حتي يجهز (نواف عبد الله) بسطته أمام أحد المحلات التجارية بالرياض ويخرج أدوات إعداد عصير السوبيا من مكمنها فقد حان موسم العمل بالنسبة له.
ونواف هو نموذج واحد للكثير من الشباب السعودي الذي يجد في بيع العصائر والحلويات وغيرها من من سلع رمضان مصدر رزق موسمي له في هذا الشهر الفضيل.
ويقول إنه يفضل بيع السوبيا على الجلوس في المنزل، مشيرًا إلي أنه يبدأ عملية البيع من الساعة الثانية بعد الظهر حتي أذان المغرب ويربح نحو 200 ريال يوميًا.
خالد العمري الذي يبيع عصائر السوبيا وقمر الدين يقول إن مهنته تعتبر موسمية مخصصة لشهر رمضان فقط أما بقية العام فإنه لا يجد من يشتريها.
ويشير إلي أنه يبيع عصائر السوبيا وقمر الدين داخل أكياس يتراوح سعرها ما بين 5 إلى 10 ريالات للكيس الواحد.
وإلي جانب العصائر تفتح بسطات بيع الحلويات والأكلات الشعبية الرمضانية مثل السمبوسك وخبز التنور واللحوح أبواب الرزق لعدد كبير من الأسر السعودية.
يقول أحمد عبد الله، صاحب محل لبيع السمبوسة بالرياض الذي يجتمع إليه كل يوم عدد من الصائمين منذ وقت مبكر وحتي وقت الإفطار إن مهنة إعداد وبيع السمبوسة في رمضان ورثناها أباً عن جد منذ 20سنة.
وأوضح أنها فقط تباع في شهر رمضان أما في غيره فلا يكون لها النكهة الخاصة بها لأن الناس لا تتقبلها إلا في شهر رمضان فقط.
وهناك شباب أخرين يعملون في المظاهر الدينية المرتبطة بالشهر الكريم مثل التوعية أو الإرشاد أو القيام بتوزيع وجبات الإفطار والطعام أو جمع التبرعات.
ويحظى شباب المنطقة الغربية من السعودية بالقدر الأكبر من هذه الوظائف الموسمية لوجود الحرمين الشريفين في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث يقبل عليهما حجيج بيت الله الذين يحتاجون لخدمات عدة، إضافة لمدينة جدة التي تعد بوابة الحرمين والسوق التجاري الأبرز في المملكة.
مهنة العاطلين في فلسطين
في فلسطين : يتوفر مهن للعاطلين تخفف من حدة الفقر في هذا المجتمع
وفي فلسطين، يعتبر رمضان أيضًا فرصة متاحة أمام العاطلين للعمل في مهن لا تنشط إلا خلال هذا الشهر الفضيل ؛ وهو ما يؤدي لتخفيف حدة الفقر في المجتمع الفلسطيني.
وأول المهن الموسمية التي تنشط في هذا الشهر وتختفي بقية شهور العام هي صنع «القطايف»، فالطلب عليها يتسع، كما أنها سهلة الصنع ورخيصة التكاليف.
و«القطايف» هي فطيرة صغيرة حجمها أصغر من كف يد الإنسان، تحشى بالمكسرات أو الزبادي أو التمر، وتخبز، وتغمس بـ«القطر»، أي ماء العسل أو السكر، ويحب الفلسطينيون تناولها بعد الإفطار.
ويشير فهمي مدوخ الذي يمتهن صناعة القطايف أبًا عن جد إلى أنه يحول محل «البقالة» الذي يمتلكه خلال شهر رمضان إلى مصنع للقطايف، موضحًا أنها عملية مربحة، لكنها تحتاج لإتقان وحرص حين صناعتها.
ويقول: إن تكلفة صناعة كيس طحين من القطايف شاملًا تكلفة الوقود وأجرة العمال يبلغ حوالي 200 شيكل (الدولار = 4.45 شيكل)، مؤكدًا أن ربحه يصل إلى 350 شيكلا، علمًا بأن ثمن كيلو القطايف يبلغ حوالي دولار واحد. كما أنه يبيع إلى جانب القطايف «الحشوة» التي تتكون من مكسرات عين الجمل والفستق الحلبي والزبيب.
كما تنشر بسطات أخري تبيع فوانيس رمضان والتمور التي يفضل الصائمون الإفطار عليها، وكذلك بعض أنواع العطارة والمشروبات كالكركديه والخروب، وعرق السوس وقمر الدين، والقطين (التين المجفف) بجانب المخللات.
تمور وعطارة في غزة
ويقول أنور عبد العال، تاجر تمور وعطارة بسوق الزاوية بغزة: إن إقبال الناس على شراء هذه الأصناف يكون كبيرًا خلال الأسبوع الأول من رمضان، ويعود الإقبال ليزيد في الأسبوع الأخير منه.
ويشير إلى أن يدر أرباحًا كبيرة من تجارته هذه حيث يربح من بيع التمور «نصف شيكل» للكيلو الواحد، و1.5 شيكل من بيع كيلو قمر الدين، و2.5 شيكل من بيع كيلو الخروب، و4 شيكلات من بيع كيلو مكسرات حشوة القطايف.
مهن رمضانية في المغرب
في المغرب: يترك البعض مهنته الدائمة ليعمل في مهن رمضانية توفر له دخلًا أفضل
وفي المغرب، يترك البعض مهنته الدائمة ليعمل في مهن رمضانية توفر له دخلًا أفضل ولو لمدة شهر واحد. محمد علال -29 سنة- تعود أن يترك مهنة الحلاقة مؤقتًا خلال هذا الشهر ليبيع المواد الاستهلاكية،
ويقول: رمضان بالنسبة لنا فرصة العمر ننتظرها بأحر من الجمر، فهو موسم التجارة، فالمغاربة يتفننون في موائد الإفطار إلى درجة الإكثار من الأكلات والأطباق، ونحن نغتنم هذه الفرصة حيث يكثر الطلب على منتجات ذات صلة مثل: الزنجلان، والفول السوداني، والنافع واللوز، وحبة حلوى، والكوزى، والمسكة الحرة.
وعن سبب تركه الحلاقة يقول: «لا مجال للمقارنة بين دخل الحلاقة في رمضان مقارنة ببيع تلك المنتجات، ومن الغبن أن أترك هذه الفرصة تمر دون اغتنامها»، لكنه رفض الإفصاح عن حجم ما يكسبه من الوظيفة الرمضانية مقارنة بوظيفته الأصلية.
ومحمد هو واحد ضمن آلاف الشباب المغاربة الذين تجدهم يصطفون في شوارع الرباط والدار البيضاء، ويقومون بعرض منتجاتهم الرمضانية بشكل جذاب للمارة غير أن هناك فئة أخرى من الوظائف تنتعش في رمضان، وخاصة مهنة «بائع الخبز» التي يقبل عليها الكثير من الشباب وحتى المحالون للمعاش.
ويقول السيد العربي -أب لستة أطفال-: «منذ ثلاث سنوات بعد تقاعدي من العمل لم أجد غير هذه العربة لأبيع من خلالها الخبز، فالمعاش لا يكفي، وفي رمضان ولله الحمد تنشط عملية البيع فتساعدنا على سد بعض الحاجيات الضرورية».
وحول عمل هؤلاء بعد رمضان يقول السيد علال -41 سنة-: «نحن كالبدو الرحل، نعيش مع الظروف والمناسبات، فبعد رمضان يكون عيد الفطر وعيد الأضحى والعاشوراء هي مناسبات نبيع فيها حسب الطلب».