إبداع

«روزالين».. ولا زال البحث جاريًا!

مظهرها أنيقًا وجوهرها بسيطًا وشخصيتها قوية وواثقة من نفسها

محمود شامي عبد القادر
Latest posts by محمود شامي عبد القادر (see all)

كانت تلك الشابة تدعى روزالين وتتحدث الفرنسية بطلاقة وبفرنسية ديغولية وبلكنة باريزية حيث ولدت في ضاحية سانت اتيان الجميلة..

وتعمل في أديس لصالح شركة محروقات فرنسية، وكانت زائرة سائحة قدمت هنا إلى جيبوتي بدعوة من صديقتها الجيبوتية الفرنسية فاطمة خيري.

روزالين إنسانة منفتحة

كانت روزا إنسانة منفتحة وأنا من كنت معقدًا، حين أطلت التفكير في كيفية التحدث معها، وقررت أن أجرب ذلك والحديث معها، وعندما طلبت منها أن نتحدث معًا لدقائق، رحبت بي ووضعت التلفون وسماعته على طاولتها، وقالت لي لما لا يكون ذلك ساعة وابتسمت..

وتابعت قائلة: الطريق طويل على ما يبدو وسرعة قطاركم الكهربائي هذا أقل مما تصورته وما أعرفه بفرنسا..

وربما لم يحن الوقت لتصل سرعة قطارنا وسرعتنا أكثر من هذه السرعة!

كان مظهرها أنيقًا وجوهرها بسيطًا وشخصيتها قوية وواثقة من نفسها، الآنسة روزالين مسيحية بروتوستانتية غير مطبقة وكنت مسلمًا سنيًا، ومثلها لم أكن مطبقًا اللهم إلا صيام رمضان وبعض الأمور البسيطة..

 في أديس أبابا تعمل وتقيم روزا في حي بولي قرب مطار بولي، ومكتب شركتنا في وسط العاصمة وفي منطقة بياسا، وتوطدت علاقتي بروزا في أديس..

لقاء وسفر ومشاعر متخبطة

وأرتدنا معًا جُل الأماكن السياحية فيها وفي أجواء مشمسة وغائمة وماطرة، وسافرنا معًا خارج أديس وإلى مدينة بحردار وشلالاتها وبحيرتها التي ينبع منها نهر النيل وقضينا بها يومين تارة، وثلاث تارة أخرى، وآخر لقاءنا وآخر أسبوع لنا معًا بإثيوبيا كان في أواسا بالجنوب الإثيوبي،

 كان ذلك في شهرنا الثالث، ونهاية مهمتي بأديس، وبعدها كان علي العودة إلى موقعي في جيبوتي، وقبيل عودتي بيومين أخبرتني روزا بأمر مهم وفي غاية الأهمية، أخبرتني أنها تشعر بشيء ما وتحس بأعراض الحمل،

 يا له من خبر صعب وبائس ويائس، ولأول مرة في حياتي لم أعرف وأتعرف على شعوري، هل كان يشكل ألم أم قبطة، على كل حال كان صدمة ممزوجة بالفرح، ومذاق البلو الحبشي الحار، بعسل النحل او طعم أي خلطة غير مفهومة..

فراق ووعد بالعودة

كنت أعشق روزا ومتيم بعشقها، ولكنني لم أكن أحب أن يتم ارتباطنا بهكذا طريقة، كنت أحلم ومعها بشيء أكبر ، ومع ذلك كان ذلك نهاية حماقاتنا أنا وروزا،

روزالين قدري ولن أتخلى عنها في كل الأحوال، وقررنا أنا وهي على المضي قدمًا في علاقتنا، وأن نلتقي بعد سنة تقريبًا في باريس، ونرتب لإقامة علاقة أبدية معًا..

وبعد عودتي بثلاث أشهر ستعود روزا إلى باريس وأنا فعلت الممكن وصنعت اللا ممكن ووصلت باريس في نوفمبر 2019 بعد عام ونصف من لقائنا الأخير في أديس.

وبعد مجيئي إليها وباريس اختارت روزا الإقامة والعمل في بلجيكا، روزالين تغيرت بعض الشيء، لم تعد روزا تلك الشابة التي عرفتها في أديس قبل 19 شهرا!!

وربما لم أكن أنا أيضًا ذلك الشاب، كانت هناك أمور ثقافية لم نستطع أنا وهي القفز عليها وكانت تبعدنا عن بعضنا البعض..

كانت تلك الأمور في صراع دائم مدة 19 شهرًا مع أمور وتفاصيل أخرى قربتنا ذات يوم وكانت تبدو في البداية أنها أقوى من كل شيء وتهاوت اليوم تتاليًا وتواليًا وتسقط بسهولة،، بعد معارك وانتصارات كنا حققناها أنا وروزا..

اختلاف واتفاق

وفي معركتنا الأولى اختلفنا أنا وروزا قبل أن نعود وننتصر ونتفق، واتفقنا أن يختار ابننا، ديانته واسمه بعدما يبلغ سن الرشد القانوني كان ذلك بداية انتصاراتنا، داوود أو دافيد كما تسميه روزا..

كان يحبو في شهره الثامن عند مجيئي إليهما وشعرت بعاطفة جارفة تجاهه، ووازى شعوري ذاك شعوري تجاه روزا، مع أني لم احظَ بمداعبته أكثر من شهرين!!

أنا وروزا ننتمي إلى ثقافتين مختلفتين، وترسم ثقافتينا أقدرانا وتبعدنا عن بعضنا البعض يومًا بعد يوم..

 كان لمحيطنا الثقافي (الأهل والاصدقاء) دورهما السلبي في ذلك، وعمي إبراهيم  شقيق أبي المقيم في فرنسا كان مستاءً من علاقتتا لأسباب عقدية (هي مسيحية أو لماذا اخترتها أنا).

ولم يمر على روزا وابني يومًا واحدًا في عام ونص العام لذات السبب، كان يترك لها رسالة صوتية ومبلغًا من المال اتفقت عليه عائلتنا في البريد كل نهاية شهر..

ليته لم يفعل ذلك وليته حمل لها باقة ورد يوم ولادتها وابتسم في وجهها وليته كان إنسانيًا معها، ووالدة روزا هي الأخرى لأني مسلم ولماذا اختارتني روزا؟..

 والدة روزا تمثل وجهًا آخر لعمي إبراهيم كانت نسخته المسيحية وكل زيارتها ومكالماتها سلبية وتأتي دائمًا لتقوض علاقة ابنتها المسيحية بمسلم ربما يفرض عليها أو على الأقل على ابنها دافيد ديانته..

وغادرت روزا مع طفلنا إلى بلجيكا وأنا ماكث في باريس، أرتب أوراقي وألملمها بعدما حاولت كثيرًا مع روزا، وربما حاولت هي معي كثيرًا، ولم نتوصل إلى حل نهائي، ولا زال البحث جاريًا!..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى