إبداع

ساكنة الظل

ذات الأصول «المصرية» صانعة النجاح الحقيقي لرواية «مائة عام من العزلة»

د. خالد منتصر
Latest posts by د. خالد منتصر (see all)

تحت هذا العنوان كتب «د. خالد منتصر» مقاله المنشور في جريدة «الوطن» المصرية يتناول فيه قصة الراحلة «مرسيدس» أرملة «ماركيز»..

وجاء في المقال:

وراء كل عظيم امرأة، جملة تنطبق تمام الانطباق على «مرسيدس» أرملة الروائي «جابرييل جارثيا ماركيز» التي رحلت يوم السبت الماضي.

مرسيدس التي تستحق لقب «أيقونة الإخلاص» و«صانعة النجاح الحقيقي لماركيز»، إنها صانعة النجاح الحقيقي لرواية «مائة عام من العزلة» والتي لولاها لما خرجت إلى النور.

صدرت الرواية عام 1967 وتجاوزت طبعاتها الـ53 مليون نسخة، كما تمت ترجمتها إلى أكثر من 30 لغة مختلفة، وحصل ماركيز على جائزة نوبل للآداب بسببها.

مرسيدس ذات الأصول المصرية

تعالوا نسمع قصة إسهام مرسيدس ذات الأصول المصرية في شهرة ونجاح وتألق ماركيز من موقع «إحكي»، تعالوا نسمع عن ساكنة الظل التي صنعت نور أشهر روائيي العالم:

في مدينة «نيو مكسيكو» المكسيكية، بالتحديد أمام مكتب بريد «سان أنجل» عام 1966 كان الأديب «غابرييل غارسيا ماركيز» واقفًا هو وزوجته السيدة «مرسيدس» بهدف إرسال نسخة روايته «مائة عام من العزلة» بعد أن انتهى من كتابتها إلى دار النشر «سود أمريكانا» بالعاصمة الأرجنتينية، بعد أن كرّس كل وقته لمدة 18 شهرًا لكتابتها، كانت الحصيلة 510 صفحات، وبعد وزن موظف البريد للصفحات وحساب التكلفة كانت 85 بيزو، ولسوء الحظ كان كل ما يملكه هو وزوجته في هذا الوقت 50 بيزو.

وبعد التفكير خرجا بحل معقول وهو تقسيم الرواية إلى جزأين وقاما بإرسال الجزء الأول من الرواية، وعادا إلى المنزل بالنصف الثاني، بعد عودة الثنائي، إلى منزلهما ظلا يبحثان عن أي شيء يمكن رهنه ليحصلا على ثمن إرسال الجزء الثاني من الرواية، فلم يجدا سوى الآلة الكاتبة، لكنهما سريعًا تخلّيا عن تلك الفكرة، فهي مصدر رزقهما الوحيد، وبعد التفكير في الاقتراض من الأصدقاء لم يجدا أحدًا لم يقترضا منه طيلة السنة ونصف الماضية.

حسمت «مرسيدس» الأمر باقتراحها رهن خاتم زواجها، لكن ماركيز رفض بشدة تنفيذ تلك الفكرة، فرأى أن رهن خاتم الزواج فأل سيئ، لكن مرسيدس أصرت ونفذت اقتراحها، وبعد رهن الخاتم أصبح معهما ثمن إرسال الجزء الثاني من الرواية وفاض منه أيضًا، وبالفعل ذهبا لإرسال نصف الرواية الثاني بعد ثلاثة أيام من إرسال نصفها الأول، «الشيء الوحيد الذى ينقصنا هو أن تكون الرواية جيدة».. كانت جملة «مرسيدس» نهاية لحياة المعاناة التي تحملتها في سبيل الوصول لحلم مشترك بينها وبين «ماركيز» زوجها وحبيبها.

النموذج المصري لمرسيدس

النموذج المصري المقابل لمرسيدس هي سوزان زوجة عميد الأدب العربي طه حسين، إنها ساكنة ظل أخرى تقف خلف الكاميرا لصناعة نور صانع التنوير، إنها الفرنسية الجميلة التي أحبت ابن المنيا الكفيف، وقرأت معه كتب الأدب الفرنسي واللاتيني، ورسمت له خريطة اليونان في أول محاضرة له بكلية الآداب، رسمتها بالقطن حتى يستطيع تحسس الهضاب والجبال والوديان وشرحها للطلبة، ذهبت معه إلى معارض الفن التشكيلي لتصبح عينه الكاشفة لكل جمال الفن الذي حُرم منه، كانت سنده الإنساني والفني والاجتماعي حتى لحظة الرحيل.

مرسيدس وسوزان نموذجان للدعم وإنكار الذات وريّ حقل موهبة رفيق رحلة الحياة حتى يزهر النجاح ويتم حصاده، فأروع الزهور هي التي تحتاج إلى الظل والنور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى