«صاحب اللثام وأهل المدد» تجليات نورانية
قصص أهل الفضائل الذين نشأت الكاتبة في أحضان محبتهم

صدر حديثًا عن دار النخبة المجموعة القصصية «صاحب اللثام وأهل المدد» تجليات نورانية حول أقطاب الصوفية للكاتبة والشاعرة أميمة سامي منصور.
تناولت الكاتبة قصص لهؤلاء أنقياء القلوب أهل الفضائل الذين نشأت الكاتبة في أحضان محبتهم وشهدت حضرتهم التي كانت بمثابة مدرستها الروحية.
أهل الفضائل
تقول المؤلفة في «صاحب اللثام وأهل المدد»
أهل المدد: هم أهل الفضائل… منطقهم الصواب… وملبسهم الاقتصاد… ومشيهم التواضع… لأنفسهم متهِمون… ومن أعمالهم مشفقون.
أهل المدد لهم قوة في دين… وحزم في لين… وإيمان في يقين… وحرص في علم… وعلم في حلم… وقصد في غنى… وخشوع في عبادة… وصبر في شدة… ورضا في ابتلاء… وشكر في رخاء.
الواحد منهم: الخير منه مأمول… والشر منه مأمون… في الزلازل وقور… وفي المكاره صبور… وفي الرخاء شكور.
أهل المدد: الواحد منهم بالله موصول… ووضع الله له القبول… تجمعه الرحمة… وتقربه المحبة… ويدنيه الشوق… دائم الذكر… يسع الأشياء… رحيم مؤمن، ولا تسعه الأشياء… مهذب الأخلاق… عاشق للرب الخلاق… بكاؤه على نفسه… وثناؤه على ربِّه… يقف مع الحق، ولا يشتغل عنه طرفة عين… إذا رُئِيَ ذُكِر الله لرؤيته.
صاحب اللثام وأهل المدد: ألبسهم الله النور الساطع من محبته، ورفع لهم أعلام الهداية إلى مواصلته… وطيبهم بطيب أهل معاملته… وكساهم حللًا من نسيج مودته.
صاحب اللثام وأهل المدد: كلما اشتدت ظلمة الوقت قويت أنوار قلوبهم… فهم كالكواكب كلما قويت ظلمة الليل قوي إشراقها… وأين نور الكواكب من أنوار قلوب أهل الله؟!
إن الشمس يطرأ عليها الكسوف… وإن القمر يطرأ عليه الخسوف… وأنوار أهل المدد لا كسوف لها، ولا خسوف.
وصاحب اللثام وأهل المدد… أصحاب أحوال… وأهل أنوار وأسرار.
كما قال العارف منهم
لأهــــل الله أســـــرار خــفـيـــة
وأحــوال تـُرى فيــهم عـليــة
وأنــوار تـُــرى فيـهــم جــهـارًا
يرون بـها حقائقــهم جـليـــة
صــفـــوا لله مـن مـيــلٍ وحــظٍّ
فكان القرب منه لهـم عطية
حبـاهم بالشهــود وقد سقـاهـم
وناولهـم مـن الراح الشهيـة
صفت ألبابهم فسموا ونالـــوا
مـقـام القـرب من رب البريـة
عبيـــد أخـلصــــوا لله ديــنـًا
وقاموا صادقين بحسـن نيـة
فـلـم تـشـغـلهـم دنيا وأخرى
عـن الإخلاص للذات العلية
رأوا مولاهــم أحـدًا تعالى
وأنفسـهــم بـه صارت غنية
حال صاحب اللثام
والناس دائمًا يلومون صاحب اللثام وأهل المدد؛ لأن حالهم غريب وعجيب… وقديمًا كم لاموا مجنون (ليلى) في حبه لمحبوبته…
لقد أحب (قيسُ) (ليلى) بصدقٍ، وشوقٍ، وعشقٍ، فقال:
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حـب من سـكن الديارا
وقال أيضًا:
ينادي المنادي باسمها فأجيبه وأُدعى فليلي عن نداي تجيب
وهكذا كان الحب العذري… فما بالكم بالحب الإلهي؟!
ولقد قدر الله إليَّ أن أنشأ في أحضان محبة صاحب اللثام وأهل المدد…
فمنذ كنت فتاة صغيرة… كنت أرى وأشهد حضرة أهل المدد التي تقام بمنزل عمي الرجل الصالح… تلك الحضرة التي كانت بمثابة الحضانة والمدرسة الروحية للكاتبة… حيث كنت أسمع فيها أعلى الدروس… وأحلى قصائد الحب الإلهي للقطب الكبير «أبي العزمات»… بل وكنت أشهد فيها أفذاذ الرجال من أهل المدد، وأتعجب من جميل كلامهم… وجمال أحوالهم..