صدر حديثا

«في الذات والحياة»… أنواع من الكتابة

مجموعة من المقالات والنقد الأدبي والاجتماعي لبعض الظواهر السلبية

صدر حديثًا عن دار النخبة للنشر والطباعة والتوزيع، كتاب «في الذات والحياة»، للأديب إبراهيم الديب.

 يحوي الكتاب مجموعة من المقالات، تجمع بين عدة أنواع من الكتابة، منها الصور القلمية والمشاهد الحياتية والنقد الأدبي والاجتماعي لبعض الظواهر السلبية في حياتنا الثقافية أو السلوكية، سردها المؤلف بأسلوب أدبي.

«في الذات والحياة»

يقول المؤلف؛ أن البعض وصفها عندما نشرت متفرقة بأنها تنتمي أكثر لجنس القصة القصيرة لأنها غاصت بداخل الشخصيات وأبرزت الصفات النفيسة ودوافعها التي جعلتها تظهر بها على هذه الصورة عندما قمت بالكتابة عنها، وهذا الجزء من الكتابة الذي ينتمي للكتابة عن النفس والوجدان حتى يحتوي على جزء بداخله أقرب لتصوير الهذيان الداخلي.

  يتكون هذا الكتاب من بابين، الباب الأول بعنوان «في الذات والحياة» أقرب توصيف لنصوص هذا الفصل أنها سرد أدبي تناولت أغلبها فترة الصبا وبداية الوعي، وتشكيل العقل وتكوين ونظرة تجاه الكون والحياه وموقف تجاه الكثير من القضايا والأشياء قد تبدو للقارئ أقرب للقصة القصيرة منها إلى أي جنس آخر.

قراءات

أما الباب الثاني فهو بعنوان «قراءات» يبدأ بقراءة انطباعية في فكر حسن حنفي ومشروعه الفكري، ثم قراءة لكتاب الدكتور شوقي ضيف (مع العقاد)، وقراءة لكتاب (الاستشراق) لإدوارد سعيد، وكتاب (قصة الحضارة) للكاتب والفيلسوف وول ديوارنت، وكتاب (الاستشراق)، ورباعية الولد للكاتب والساخر الكبير محمود السعدني، وقراءة لمجموعة (ذئاب مارقة) الكاتب والأديب سمير الفيل، ومقال عن قراءة الاساطير وتأثيرها على نفسي ودراسة لكتاب (المقاهي في مصر دمياط نموذجاً)، وغيرها.

 هي قراءة ليست أكاديمية بل انطباعية مبعثها الإعجاب والحب أثرت في تكويني وليست في الوقت ذاته حكماً عليها أو تقييماً لها أو حكمة.

من أجواء «في الذات والحياة»

هذيان ما قبل النوم

عرفت في حياتي مجموعة كبيرة من الشخصيات واقتربت منها على نحو ما، منها الصحيح السوي المتصالح مع نفسه ومع الحياة ومن ببنها السقيم  المعقد حد اقترابه من المرض النفسي، وكنت أيضاً على علاقة بكل الشخصيات التي تقع بين هذين النوعين من البشر، وهذه المعرفة وهذا الاقتراب من الآخرين من الأمور المحببة إلى نفسي  وتسعى إليه، بل ادفع إليه دفعًا في بعض الأوقات، أشعر بمتعة وأنا أمارس هواية الغوص والسباحة داخل نفوس هذه الشخصيات ودراستها لأقف على سر دوافعها وعلى كل تبديه تجاه الآخرين، عرفت ناس من الداخل، وأخرى من الخارج… أحببت واقتربت ممن يبادلني نفس الشعور، ولم أكره من يبغضني، وكنت أحيانًا أبحث لمن يكرهني عن مبرر لشعوره تجاهي، وأبحث في الوقت ذاته عن سر ذلك في نفسي وأتهم نفسي في كثير من الأحيان بأنني السبب، وعند الفشل في العثور على أنني المخطئ، أحاول بشتى الطرق؛ إقناع نفسي بأن هذه  طبيعة النفس البشرية.

 وأصبحت أعتقد من أكثر من أي وقت مضى بأن الفاشل له بعض الحق في حقده على الناجح، كما أن هناك بعض الضعفاء يكرهون الأقوياء والتمست لهم أيضًا بعض العذر، فأنا على قناعة أن هذه الشخصيات ليست قاعدة نقيس عليها، بل هو الاستثناء، لأن هناك من القادر على نفسه، حتى لا يكون أحد أعضاء هذه الجماعة من البشر.

الانطباعات الأولى

بعد أن جلست في سينما ثقافة دمياط واحتشدت لمشاهدة فيلم (الفك المفترس) وكانت هذه أول مرة في حياتي أدخل فيها سينما  لم أكن أتجاوز الثالثة عشر…  بدأ الفيلم بعد أن أطفأت الأنوار مبهرًا مثيرًا مدهشًا في كل شيء، عالم ساحر من الصورة لم أتوقع كل هذا الجمال والخيال الجامح  المجنون، لقد أستولى كل ما شاهدته وسيطر على من نفسي، كنت ألهث وأحاول ما استطعت أن أتابع  كل ما يحدث بعد أن تطورت أحداث الفيلم للأسوأ، فقد افترس القرش أجمل فتيات الفيلم الجميلة الوديعة النضرة صغيرة السن، المقبلة على الحياة ببراءة الأطفال، الذي غرس المخرج صورتها وجعلها تسكن نفسي بهذه الصورة فلن يستطيع المشاهد إلا ينجذب لها ويتعاطف معها ويرثي لها.

لم  أكن أعرف قبل دخولي السينما أن الصورة لها كل هذه القدرة على تشكيل الوعي، وأنها في الوقت ذاته جزء ومكون ثقافي، له القدرة على تكوين العقل، فلن تترك الصورة مشاعرك وأحاسيسك على الحياد، لن تستطيع الإفلات لابد أن تكون مع أو ضد، تحت تأثير تيار خفي وقوة ناعمة تتسلل لوجدانك، هذا شأن كل عمل فني يتوغل لداخل النفس.. كان صوت الموسيقى التصويرية يبعث على الخوف تفتح أبوابًا لعوالم من الرعب تسحبني الموسيقى للعيش بداخلها، أشهد لمؤلفها أنه وقف على سر مواطن الفزع والخوف بداخل النفس الإنسانية، ليس هذا فقط؛ بل ويلعب على أوتارها بمهارة وجدارة… 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى