إبداع

قصة الألم العراقي

ما دونه القلم من تفاصيل بنسيج حكائي سلس يؤثر في النفوس والخواطر

طلال سالم الحديثي
Latest posts by طلال سالم الحديثي (see all)
دهشة ( العنوان)، أيَّ عنوان، لن تغطيها اعتيادية تعاقب الفصول، من شتاء إلى ربيع إلى صيف فخريف، فالعنوان يحمل ( دهشته) في دلالته، الدلالة الكامنة في رمزيته وما تشير إليه.
ودلائل العنوان، عنوان الكتاب، يجلوها ويوضحها مضمونه، ومضمونه ليس نسيجًا من خيال، وليس واقعًا طُعِم بخيال، بل هو حدث واقعي، ارتفعت عناصره إلى مستوى الخيال فتغشته بما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
وما دونه القلم من تفاصيلها تقف عند حدود الحدث كحدث ولكن وقعها في النفوس وتأثيرها في الخواطر هو ما ينسب لقلم المدون من ألمعية في نقلها بنسيج حكائي سلس، ورهافة ذائقة تدون قساوة اللحظات بمرارتها ووخزها، فجراح المصاب جراح الرائي إن صدق التأثر واستجاب لنداء الضمير وألم المشاركة.
وعلى هذا الموقف كان كاتب «الخريف الأخير» الرواية الصادرة عن دار النخبة المصرية، قصة الحدث الغادر، والفعل الجبان، والإنتقام الوحشي لأدعياء حضارة قشرية بهرجت المرئي وفشلت في تجسيد البُنية وأنسنتها وفق شرائع الإنسانية.

أحداث واقعية رواها عادل الهاشمي تؤثر في النفوس

هذا ما رواه كاتبها الهاشمي عادل، رواه بعين بصيرته وبصر عينه فهو لم (يفبرك) حدثًا ولم يزوق واقعًا، وإنما نقل ب(حياد) ودوّن برؤية عين شاهدت وأذن سمعت، فكانت روايته من لُحمة ما حدث، وليست من هوامش ما حدث، ولذلك أعد روايته وثيقة من وثائق الألم العراقي، ومدونة من مدونات الظلم العاتي عبر رياح مسمومة مجنونة لا تبقي ولا تذر.
ومهما كانت مبررات كتابة رواية الهاشمي عادل، فنحن نقرأ ما كتب دون ان يكون لنا حياد إزاء الموقف، فلا حياد مع ظلم الانسان والغدر به غدرًا ترفضه شرائع الأرض الحيّة قبل شرائع السماء البهية.
وأني لأرجو أن تصل هذه الرواية إلى أنحاء غير (محلية) ليرى الرائي ما لم يره، وليسمع السامع ما لم يسمعه، ولتتهاوى قشور الادعاء المثالية لحضارات قشرية التلميع وقشرية البهارج الإعلامية.
إنها رواية (الجرح الحديثي) حديثة النواعير وحضارة إنسانها الأول، حضارة الماء الفراتي وعذوبته التي أخصبت أرض سواده، صفاء سمائها وحرارة شمسها صفاء قوانين حمورابي وحرارة تفاعلها مع انسان أرضه.
لا تعجبوا أيها القراء مما يصدمكم من موبقات (الخريف الأخير) فموبقاته مدعيات حضارة وعناصر جبروت ظالم وأقنعة أرواح خنزيرية المخالب … أقرأوا (الخريف الأخير) خريف الألم العراقي ألم نهره ونخله وزرعه…. ألم إنسانه أولًا وأخيرًا.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى