
Latest posts by د.تامر عزالدين (see all)
- أبيض وأسود - 22 فبراير، 2022
- البطل المفقود - 9 أكتوبر، 2021
- حصان طروادة - 28 أغسطس، 2021
صباح ككل صباح، الأيام تكاد تتشابه، وأكثر وجه شبه في الأيام أنها تواجهك كل يوم بمشاغل جديدة لا تنتهي
وقد تتغير المشاكل فقط من أجل ألا يملها الإنسان ولكنه دائمًا هناك ضيق في الوقت وتراكم في المسؤوليات.
وتمضي أيام العمر بين لحظات الفرح والحزن بين الضيق والفرج وأنت في الحياة، تعتقد أنك محورها، كل إنسان يعتقد في نفسه أنه الأهم على الإطلاق، ويختلف الناس من حولك بين مسئ ومحسن، وتنظر إلى هذا وذاك
فتنتقد المسئ حتى لو كنت مثله، وتثني على المحسن وأنت مؤمن أنك أفضل منه حتى لو كان يقوم بما لا تقوم به من أفعال البر والتقوى وتقول في نفسك.. «أنا أفضل وتلك الأعمال في ذهني وقلبي وأنا قادر على عملها في أي وقت، سوف يأتي اليوم الذي أفعل حتى أكثر منها».
ودائمًا ترى نفسك لم تأخذ حقها بعد، ترى نفسك هذا الإنسان المهضوم الحق المظلوم، فالآخرين عندهم ما لا يستحقونه وأنت محروم من ما تستحقه دائمًا أنت الأحق بالمال أنت الأحق بالمنصب أنت الأحق بالجاه ومن حولك لا يعطونك حقوقك كما ينبغي.
حقيقة الموت
و عندما تسمع أن فلانًا سقط مريضًا بمرض خطير أو مصابًا في حادث أليم أو آخر سقط ميتًا تتملكك مشاعر الأسى والحزن وتقول بكلمات المواساة لتبث الصبر فيمن حولك: «كلنا لها ماحدش له في نفسه حاجة».
وعلى الرغم من أنك تكون مقتنع بالقدر وحتمية الأجل إلا أنك في نفس الوقت لا تتخيل نفسك في موقف هذا الفلان ولا ذلك العلان؛ فالمصائب والموت حق على الجميع وجائز أن يقع للآخرين ولكنك تستبعد ذلك عنك رغم أنك تقول أنك مؤمن به، ثم بعد فوات الأوان وضياع فرصتك في الحياة تكتشف أنك لست الملاك الذي كنت تظن
وأنك ضيعت على نفسك فرصة أن تصلح نفسك بدعوة أنك إنسان كويس، وتكتشف أنك كنت واخد حقوقك التي كتبت لك ولكنك لم تستمتع بها وتستغلها لأنك كنت تنتظر ما هو ليس لك وتكتشف أن العجيب هو بقاؤك حيًا وسليمًا طوال الوقت.
فالمصائب والموت أقرب منك مما كنت تظن وتفاجأ أنك أيضًا ينطبق عليك ما كان يحدث للآخرين ولكنك لم تكن تؤمن بذلك إنما تردده كببغان، إنها أكبر المغالطات التي يغالط بها الشيطان نفسك إنها خدعات الذات الثلاث!
الخدع الثلاث
فالشيطان يجعلك تخدع نفسك، الخدعة الأولى: هي خدعة الذات مع الله سبحانه يعتقد الإنسان أنه سيتقرب إلى ربه قريبًا وأن ما يصدر منه الآن ما هو إلا شيء عارض ولكن نفسه الطيبة ستغلبه غدًا ويكون من المقربين الصالحين ويختم له بالصالحات وأن الأمر بيده وقرار التوبة مفتاحه في جيبه.
والخدعة الثانية: هي خدعة الذات مع الناس، وهي أن يرى نفسه أعلى من غيره وأنه يستحق الأفضل وأنه مظلوم بين أقرانه، وأن لديه إمكانات مميزة لا توجد عند غيره. والعجب أنه يعتقد أن الناس حوله ترى تلك العبقرية والمميزات فيه أيضًا!
وأما الخدعة الثالثة: فهي خدعة الذات مع الذات، وهي أن يشفق على المصابين والمبتلين من الناس حوله مما أصابهم من أمراض وضعف في النفس والبدن. ولكنه يستبعد تمامًا أن يُصاب هو بما أصاب غيره. وإن خطر ذلك على باله سرعان ما يذوب ويغتر بعافيته وقوته.
ورحمة الله بالناس في أن يرسل إشارات لاكتشاف هذه الخدع الثلاث من ابتلاءات فلنحمد الله على ما أصابنا.
من كتاب «تفاصيل مهمة» الصادر عن دار النخبة.