إبداع

لا للنقد الهادم.. نعم للنقد الهادف!

مطلوب رؤيا جديدة للتمييز بين السلبيات والإيجابيات لمن أراد الخلط بينهما لتحقيق غاية معينة

خالد مهدي الشمري

قبل كل شيء لنعرّف كل من الكلمتين ليكون المعنى واضحًا للمتلقي .. النقد هو التعبير المكتوب أو المنطوق من متخصص يسمى ناقدًا عن سلبيات وإيجابيات أفعال أو إبداعات أو قرارات يتخذها الإنسان أو مجموعة من البشر في مختلف المجالات.

ولا بد من القول بأن النقد يشمل بيان مميزات العمل وحسناته وأهم ما يميزه وبين الثغرات التي فعلًا موجودة والتي تصيب البناء الصحيح للنص أو المنتج ليكون متكاملًا من حيث النقد، وليس استخراج العيوب والهفوات والأخطاء فقط والتركيز عليها ليكون نقدًا مغرضًا، مع العلم لا يوجد عمل متكامل وكاتب كامل والكمال لله وحده، فمهما يكن هو إنسان يتعرض للظروف الخارجية والداخلية والخارجة عن إرادته بين حكم السن أو الضغوط النفسية أو السهو أحيانًا.

كذلك ممكن أي شخص يقوم بالفعل ذاته ونقد تصرف ما أو مجالًا ما حتى وإن لم يكن ناقدًا، وهو على نوعين النقد البنَّاء الهادف والنقد الهدَّام. أما الانتقاد ففيما يعنيه نقد نقدك وبالتالي الانتقاص من المنتج والبحث عن العيوب والسلبيات حصرًا من دون إبراز الإيجابيات.

لا بد من التمييز بين النقد والانتقاد

الكثير من الناس من يتقن فن الانتقاد، وتوجيه الملاحظات السلبية للغير، بل تجد لسانه وقد انطلق فجأة ينتقي من الكلمات الجارحة المؤذية السليطة بحجة أن نواياه حسنة.. لا بد من التمييز بين العبارتين من حيث التطبيق والعمل بهما من حيث المستوى الإنساني والوجداني.

ومن خلال عملي في ميدان الثقافة في مجال التوثيق الإعلامي والأدبي؛ كنت ولا زلت أتابع المشهد الثقافي والأعمال الأدبية والجلسات الثقافية ملتقيات ومنتديات واتحادات، انا على دراية كاملة بأن للإنسان مستويات من حيث الفهم والخُلق والتصرف ويتحكم في ذلك البيئة والأهل، ولا تعني لي الشهادة شيئًا قبل الأخلاق، وأهمها صفة التواضع.

ومع ما أشرنا إليه؛ فإن بعض التشنُّجات والتصرفات في الوسط الثقافي تبقى على الأغلب ملازمة لكل عمل، والغير مألوف هو أن تُجامل نقدًا موصى به وتنتقد الآخرين، حينما تكون الأمور غير إيجابية كما هو شائع ومتواجد بين المثقفين، (العين بالعين) و(جماعتي وجماعتك) لنشهد انتقادات من هنا وهناك لعمل لا يرتقي للنقد المقدّم ولا يستحق تلك الزوبعة، مع علم الجميع بمردودات هذا العمل بعيدًا عن أخلاقيات المهنة.

ناقد لم يقرأ الكتاب

ومن الطرافة الإشارة على سبيل المثال؛ شخص يقدّم ورقة نقدية وينتقص من الأديب وعمله وفي نهاية الورقة يقول علمًا بأني لم أقرأ الكتاب!

وفي مكان آخر ومداخلة في إحدى الندوات عنوان توقيع كتاب؛ جلس على المنصّة ليُدلي بمداخلة فقال: «إن هذا الكتاب عبارة عن ألبوم»، ويقصد عرض صور فقط، وعند سؤال صاحب الكتاب هل اطلعت عليه؟ فأجاب أتمنى أن تزودني بنسخة كي أطَّلع عليه!

هنا أبيّن بعض الجوانب البعيدة عن النقد بصوره المشرقة والحضارية والأدبية، ومع كل الأسف يستخدم الانتقاد أكثر .

وبعد طرحي الموضوع على صفحتي في الفيس بوك على شكل قصة قصيرة وجدت الكثير من رواد المنتديات الثقافية والكُتاب يؤيد وجود من يعتلي منصة المداخلات وهو لم يطَّلع على مضمون الكتاب، والبعض يصل متأخرًا في نهاية الأمسية ويريد أن يتحدث كمُداخل، ولا أعلم ما يريد أن يقول وهو لم يكن موجودًا أثناء كلام المُحاضر أو الضيف.

في حوارات أجريتها مع نُقاد؛ كان سؤالي هو هل هناك مجاملات في النقد؟ فكان الجواب نعم!

النقد الهدَّام

المحسوبية والمجاملة موجودة ليتعذَّر بأن بعض الكُتاب يغضب لحد كبير! نعم.. أنا شاهدت البعض وصل إلى حد العِراك والتلازم بالأيدي، كما هناك أشخاص ينتقدون بصورة التسقيط ليكون سبب إفشال مُنجز ما؛ حيث يشكك بعنوان المنجز أمام الجميع وبطريقة الدخول للعنوان من باب مصادر اللغة المختلفة والواسعة، وهناك من يعتقد أنه أعلم الجميع، وتجد له رأي في كل ميدان.

أنا لا أختلف معكم في مبدأ أن المنصّة للجميع، والرأي مفتوح لمن يرغب، لكن أنا أتحدث عن باب الانتقاد والنقد مع العلم بوجود نُقاد أكفّاء بعيدين كل البُعد عن ما نحاول إثباته هنا، كذلك نعلم بوجود منتجات رديئة وسيئة ووسط وجيدة وهناك ماهية ممتازة ويقررها إمكانياتها وأصحاب الاختصاص.

وهناك باب آخر وهو إصابة البعض بداء العظمة والنرجسية؛ مما جعلنا أمام شخصية تعمل على انتقاد كل ناقد يحاول إثبات رأي معين أمام مُنجز ما لتتداول عبارة سريعة (صاير ناقد هاي الأيام )..

في خاتمة هذا الموضوع نحتاج إلى رؤيا جديدة لمتابعة النقد والانتقاد والتمييز بينهما في حال من أراد الخلط بينهما للوصول إلى غاية معينة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى