«للحبر رائحة الزهر»… تخطي لأسوار الإبداع
نبضات وجد يدونها الشاعر ويرسلها إلى قرائه في كلمات رنانة

صدر حديثًا عن دار النخبة العربية للنشر والطباعة والتوزيع، ديوان شعر «للحبر رائحة الزهر»، للشاعر السوري نصر محمد.
يقع الديوان في 112 صفحة من القطع المتوسط ويضم بين دفتيه 74 قصيدة. من تدقيق الشاعر محمود بريمجة، ولوحة الغلاف للنحات والفنان التشكيلي بشار برازي.
يشارك ديوان للحبر رائحة الزهر في معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ54 من خلال جناح النخبة العربية للنشر قاعة 1-جناح A54 في الفترة من 25 يناير إلى 6 فبراير 2023 بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس.
مقدمة «للحبر رائحة الزهر»
قدم الشاعر هجار بوطاني للديوان، وجاء في مقدمته:
منْ خِلالِ قِراءةِ صفحاتِ هذهِ المجموعةِ الشِّعريَّةِ، نَجِدُ أنفُسَنا أمامَ أحدِ مُبدعي الكلمةِ و القصيدةِ، شاعرٌ يتمتَّعُ بكاريزما خاصَّةٍ، و مُجمَلُ كتاباتِهِ الشِّعريَّةِ، نَجِدُ الحَداثةَ في نُصوصِها، وكُلُّ ما جاءَ في هذهِ المجموعةِ لا يَقِلُّ إبداعاً وقيمةً عنْ تلكَ النُّصوصِ التي قرأناها لِأيِّ شاعرٍ وصلَ إلى حلِّ المُعادلةِ الإبداعيَّةِ، وتخطَّى أسوارَ الموهبةِ والإبداعِ.
حينَما نُقلِّبُ صفحاتِ المجموعةِ الشِّعريَّةِ لِلحبرِ رائِحةُ الزَّهرِ لِلشَّاعرِ نَصْر مُحمَّد تُفتَحُ أمامَنا أبوابُ حدائِقِ وُرودٍ نرجِسيَّةٍ، ويفوحُ على المرءِ خَلَجاتٌ منَ النَّفسِ والرُّوحِ والذَّاكرةِ، ونَبَضاتُ وَجْدٍ يُدوِّنُها الشَّاعرُ، ويُرسِلُها إلى قُرَّائِهِ في كلماتٍ رَنَّانةٍ تَشُدُّ القارِئَ إلى فتحِ أبوابِ الشَّوقِ و الذِّكرى، كلماتٌ تحُثُّ القارِئَ على التَّجربةٍ الإبداعيَّةٍ، وما تحمِلُهُ رِيشتُهُ منْ عفويَّةٍ وبساطةٍ في روحِ التَّعامُلِ معَ الجُملةِ الشعريَّةِ، فهوَ تارةً ينفرِدُ معَ تأمُّلاتِهِ، يفرُشُ أمامَ قارئِهِ قصيدةً تتحلَّى بالشَّوقِ إلى امرأةٍ تركَتْ آثاراً في نفسِهِ منْ بعدِها في أجملِ لحظاتِ الحُبِّ الجميلةِ، سكنَتْ قلبَهُ و روحَهُ بكُلِّ أنوثتِها، وابتعدَتْ لِتترُكَ في أعماقِهِ ألَماً و حسرةً ، فيُعلنُ ثورةً منَ التَّطلُّعاتِ و الأماني، يهتِفُ و يصرُخُ و يُناجي امرأةً حَزَتْ في نفسِهِ كثيراً، يفرُشُ قصيدةً يفوحُ منها الشَّوقُ إلى مدينةِ الثَّقافةِ، مدينةِ العِشقِ الأبديِّ عامودا فيبقى أسيرَ الغُربةِ، أسيرَ حُزنٍ يتملَّكُهُ في كُلِّ رُكنٍ منْ أركانِ حياتِهِ، لهذا كانَ لا بُدَّ منْ قرارٍ أخذَهُ، ألا وهوَ فتحُ بابِ الكتابةِ و تدوينُ ما يدقُّ خلجاتِهِ منْ أشواقٍ في بِضعِ صفحاتٍ إبداعيَّةٍ، ويكونُ بذلكَ قد حطَّمَ أسوارَ الوحدةِ و اليأسِ، حطَّمَ الأوهامَ التي يعيشُها منذُ مدَّةٍ، وضعَ نهجاً شِعريَّاً للسَّيرِ في مَسارِهِ الأدبيِّ، الذي منْ خِلالِ جملةِ تعابيرِهِ، يُمكِنُهُ تحقيقُ كلِّ ما يسعى إليهِ.
تحول إبداعي للشاعر
الشَّاعرُ نَصْر مُحمَّد في مجموعتِهِ هذهِ لِلحبرِ رائِحةُ الزَّهرِ والتي تحتوي في مضمونِها أربعاً وسبعينَ قصيدةً، ففي بعضِها يُحاولُ تحويلَ اتِّجاهَ مشاعرِهِ وتطلُّعاتِهِ إلى مِحرابِ الحُبِّ، يشدو فيهِ تراتيلَهُ العذبةَ ونجواهُ، وكأنَّها بقايا روحِهِ المُعذَّبةِ، يُحاوِلُ كشفَ الفرقِ بينَ نُصوصِ مجموعتِهِ هذهِ و نُصوصِ باكورةِ أعمالِهِ الشِّعريةِ لِلعشقِ أحلامٌ مُجنَّحةٌ، التي كانَتْ في مُجملِ نُصوصِها أشبهَ بسلسلةٍ وحلقاتٍ لِقصائِدَ تكادَ تكونُ قصيدةً واحدةً، و اليومَ يُقدِّمُ الشَّاعرُ نَصْر مُحمَّد ثاني أعمالِهِ الشِّعريَّةِ بكلِّ تحرُّكاتِهِ ، فهوَ لا يلبَثُ أنْ يستكينَ في مكانٍ ما، فنراهُ يُغيِّرُ الأمكِنةَ رغمَ وحشتِها ويَئِنُّ على شاخِصاتٍ ، هوَ مَنْ أوجدَها على طريقِ كتاباتِهِ ، شاخصاتٍ تدلُّ على قلبِ امرأةٍ سلبَتْهُ القلبَ يومَ كتابتِهِ القصيدةَ.
مقتطفات من الديوان
عـنـدَمـا
عندَما تتورَّطُ
في حُبِّ امرأةٍ شاعِرةٍ
فأنتَ في أوراقِها
سِـرُّ قصيدةٍ
غارِقةٍ في الدَّهشةِ
حَذاري أنْ تضعَها
فوقَ رَفِّ المُقتنياتِ
قدْ تقتُلُكَ
فوقَ صفحاتِ دِيوانٍ
غارِقٍ في الأسى
اِمرأةٌ بهذا العُنفوانِ
قادِرةٌ على بِناءِ مُدُنٍ
وهدمِ حضاراتٍ
……………..
حُـلْـمُ الـطُّـفـولـةِ
كمْ كُنْتُ أحلُمُ في الصِّغرِ …!
أنْ أحيا حياةَ الأُمَراءِ
و كمْ حلمْتُ لو أبِيتُ يوماً
على فِراشِ الأميرِ …!
كُلُّ الأطفالِ في بلدي
يُريدونَ موتَ الأميرِ
لِيَلعبوا في قصرِهِ
و يُكيلوا الشَّرَّ لِابنِهِ
ولمْ نكُنْ نعلَمُ
أنَّ أقوانا ابنُ الأميرِ
عندَما كَبِرْتُ
ماتَ فيَّ الإنسانُ
و ما عُدْتُ أرغَبُ في الإمارةِ
قدْ علمْتُ …
أنَّ نِصفَ السُّكَّانِ هُمُ الأُمَراءُ
و أنَّ الأميرَ
لا يلبَسُ تاجاً منْ ذَهَبٍ
بلْ يلبَسُ جِلْباباً منَ الجَهْلِ
و يجمَعُ ذُقوناً منَ العَطَبِ
أو قاطِعُ طَريقٍ أو أفَّاقٌ
مُختَبِئٌ في ثوبِ الفارِسِ
و يُكثِرُ مدْحَ الأميرِ
مَنْ لهُ هَزائِمُ لا تُحصى
و أكبَرُ هزائِمِهِ موتُ الوُجدانِ
و يخطُبُ فيكَ
يستنهِضُ غَيرتَكَ و هِمَّتَكَ
كيْ تُحارِبَ بسيفِ الأميرِ
و يُحاوِلُ تبسيطَ الفِكرةِ
بِأنَّ السَّبايا غَنائِمُ حربٍ
و في المَعارِكِ …
لا بُدَّ منْ مُنْتَصِرٍ و خَسْرانَ
الكُلُّ في بلدي