مزيج من المشاعر والقيم في «درجة ثالثة»
مجموعة قصصية صاغها الدكتور الأديب تامر عز الدين بأسلوب أدبي مغلف برؤية علمية

صدر حديثًا عن دار النخبة المجموعة القصصية «درجة ثالثة» للروائي الدكتور تامر عز الدين، تقع المجموعة في 260 صفحة من القطع المتوسط.
تحتوي مجموعة «درجة ثالثة» على باقة من القصص الإجتماعية والإنسانية التي تحمل في طياتها مزيج من المشاعر والقيم تنوعت بين سرد الراوي والحوار بين شخوص القصص.
صاغها الدكتور الأديب تامر عز الدين بأسلوب أدبي رصين وبجمل سلسة يتخللها نظرة تعمق في الواقعية..
مع مزج الرؤية العلمية التي لا بد وأن تتوفر باعتبار مهنة المؤلف كطبيب ودراسته العلمية.
مقتطفات من «درجة ثالثة»
يقول المؤلف في قصة (وطن على الرصيف):
«يبدو الطريق ملتوي تتشابك عليه القضبان، تلتقي وتفترق وتئن تحت ثِقل العربات، الدروب وعرة ترهق الأبدان الملتصقة المتدافعة داخل الصناديق الحديدية،
لا شيء يفوق اليأس عندما تكون الطرق مسدودة والأذهان مشتتة ولا سبيل إلى الحكمة، والكل في اتجاه واحد ولكلٍ منهم اتجاه،
تدلف الأصوات بين الرؤوس تحكي الحكايات وتدور الحوارات ويزيد الصخب الذي يمتزج بصوت الصفير وصرير التروس،
كانت الأوراق تنقصها إمضاءات فركب هذا مسافرًا ليمضيها، والمصالح تنتظر هؤلاء ليبدأوا أعمالهم، والصفقات تسافر من قُطر إلى قُطر،
والباعة والتجار والطلبة والأب العائد والأخ المسافر والأصدقاء يضحكون، والمتجولون يبيعون بضائعهم، والمواعيد متأخرة والرواتب متدنية،
والسائق يتذمر والطفل يبكي على كتف أمه، واللصوص يتحينون الفرص، والمحامون يجرون وراء القضايا، والأطباء يتنقلون بين الوحدات الصحية،
والمرضى يذهبون لتلقّي فرص العلاج الصعبة في القاهرة، وهو يحمل كل هؤلاء في بطنه يعتصرهم عصرًا ويرجهم رجًا.
والنفوس بداخله كالطُرق بعضها مستقيم وبعضها ملتوٍ ووعر، وبعضها مغلق مسدود».
خطيئة ابن سلطان
في قصة: (خطيئة ابن سلطان) يقول:
«الأمر لم يكن بهذه السهولة…. هل يجوز لشيخ مثله أن يتزوج راقصة؟
ولِما لا وفي إمكانه أن يكون سببًا لهدايتها، فهي تبدو كالملاك، صرّح لها بحبه وبمراده منها وبادلته هي حبًا بحب، واربت له منها بابًا، لكن ما أقسى لوعة المحب إذ تمنّعت عليه محبوبته وتدللت، فكلما اقترب ابتعدت وكلما ابتعد تقرّبت وتدللت.
دله شيطانه أن يختبرها فلم ينل منها شيئا فازداد تعلقًا بها وأصبح أسيرًا ببابها وفي نفس الوقت خائفًا يترقب أن يُفضح أمره ويُذاع سره فيفقد سمعته وهيبته وسط جوقة المشايخ والمتصوفين،
في وقت يطمع أن ينال خلاله شرف المشيخة عليهم، كما أقنعه بعد أصدقاءه أن يستغل سمعة الشيخ سلطان في أن يترشح نائبا في البرلمان وهكذا يحصل علي المنصب و الحصانه و يحظى بالهيبة التي يتمناها…
لذلك اجتهد ألا يُكشف أمرهما إلا إذا طاعت له وابتعدت عن عملها وسكنت في بيته وأصبحت له وحده،
سمع منها كثير الوعود ولكنها كانت تتملص من وعودها وتتعمد إضرام نار الشوق في قلبه حتى صار مدمنًا لها.
والحب قد يكون نوعًا من الإدمان وقد يكون وسيلة للغياب عن الوعي والهروب من الحياة.
الغرائز قد تقود النفوس إلى دروب وَعِرة فترهق القلوب والأبدان في الحيرة أمام الطرق الضبابية،
ولا شيء يشتت الذهن ويفقد الوعي أقوى من إدمان الرجل لامرأة سواء كان حبًا أو شغفًا بأنوثة طاغية…»