إبداع

«مصطفى حسين» والشعر «الحلمنتيشي»

«كاريكاتير» لفظت أنفاسها الأخيرة مع بداية انتشار النت وتويتر والفيس بوك

ياسر قطامش
Latest posts by ياسر قطامش (see all)
في سنة 1990 صدر العدد الأول من مجلة «كاريكاتير» في مصر فاستقبلها الناس بحفاوة شديدة لخلو الساحة من أي جريدة أو مجلة فكاهية تروي تعطشهم للضحك والفكاهة منذ اختفاء مجلة البعكوكة في أوائل الخمسينيات.
 
واستطاعت كاريكاتير التي كانت تصدر أسبوعيًا أن تحقق نجاحًا كبيرًا في فترة وجيزة لم تتجاوز عدة شهور ووجدتني ذات يوم من أيام شهر مايو 1992 في مكتب الفنان (مصطفى حسين) بالدور الأول في مبنى أخبار اليوم القديم بالقاهرة؛ أطلب مقابلته دون واسطة أو سابق معرفة شخصية لأعرض عليه بعض أشعاري الفكاهية الحلمنتيشية.
 
لمست في المقابلة بساطة وبشاشة وتواضع رغم وسامته وأناقته ومظهره الأنيق وطول قامته وشكله الأرستقراطي الذي يوحي بالغرور لمن لا يعرفه .. حيث فتح لي أبواب مجلة كاريكاتير التي كان رئيس تحريرها لأنشر فيها أزجالي وأشعاري الفكاهية الحلمنتيشية ..
لأ وإيه كمان صرف لي مكافأة قيمتها ٤٠ جنيها (حتة واحدة) على كل مقطوعة تنشر لي، وكان هذا المبلغ لا بأس به، أنا الشاعر الناشئ المبتدئ حين ذاك، خاصة إذا علمنا أن كل الجرائد والمجلات وقتها كانت تنشر لي ببلاش يعني بلا مقابل باستثناء بعض المجلات العربية التي كنت أراسلها كالفيصل والعربي والمجلة العربية.
 

مسيرة عشر سنوات في مجلة «كاريكاتير»

 
قابلني الفنان مصطفى حسين بابتسامة وقال ضاحكًا (مامعكشي واسطة) فقلت له على طريقة نجيب الريحاني في فيلم (لعبة الست) أنا واسطتي ربنا فضحك .. حتى بانت نواجذه (حلوه نواجذه دي) .. هههههه .. شعرت من أناقته وشياكته أنه برنس أو ابن باشا وأرسلني في الحال إلى الشاعر بشير عياد (رحمة الله عليه) وكان بمثابة ذراعه اليمنى والدينامو المحرك للمجلة التي كان مقرها خلف جامع مصطفى محمود بالمهندسين، وفوجئت بعد أسبوع وفي عدد ١٠ يونيه ١٩٩٢ بمقطوعتي الزجلية منشورة في برواز بالصفحة الأخيرة (آه يا عيني على الشهادة).
 
 
 
كانت فرحتي لا توصف بظهور كتاباتي في مجلة كاريكاتير (مش بس كده) ولكن الأهم من كده هو أن شعري أو بالأصح زجلي كان في الصفحة الأخيرة مع مقال الكاتب الكبير أنيس منصور ..
 
واستمرت مسيرتي مع مجلة كاريكاتير أكثر من عشر سنوات حتى بعد أن تحولت من أسبوعية إلى شهرية وانتقلت إلى مقر آخر خلف مستشفى الشرطة بالعجوزة، وتحولت رئاسة تحريرها إلى الكاتب الصحفي الكبير محمد العزبي أطال الله عمره، ثم تولى الصديق العزيز خفيف الظل محمد حلمي رحمه الله منصب مدير تحريرها عدة سنوات حتى لفظت أنفاسها الأخيرة مع بداية انتشار النت وتويتر والفيس بوك ..
 
 
رحلة طويلة من السنين بدأتها هاويًا ناشئًا مجهولًا، ثم أصبحت بفضل الله محترفًا ناضجًا مشهورًا .. سعدت خلال هذه الرحلة بمصاحبة نجوم كبار في الأدب كانوا ينشرون بالمجلة ومنهم أحمد رجب وأحمد بهجت ولينين الرملي وعلي سالم ومجدي صابر.. ومن رسامي الكاريكاتير حسن حاكم وتاج ..
 
والآن وقد خلت الساحة من مجلات الفكاهة دعوني أتحسر على الزمن الجميل الذي أدركت جزءًا منه .. ورحم الله صُناع الفكاهة الذين أسعدونا في مجلة كاريكاتير وعلى رأسهم البرنس مصطفى حسين.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى