
- أبيض وأسود - 22 فبراير، 2022
- البطل المفقود - 9 أكتوبر، 2021
- حصان طروادة - 28 أغسطس، 2021
قد يساعدك مشاهدة فيلم يحمل معنى، أو قراءتك رواية هادفة بها أفكار على وضوح فكرة بعينها أو تجسيد معنى..
وهذا ما دار بخلدي بعد مشاهدتي لفيلم سول (Soul) أو الروح، وهو فيلم رسوم متحركة كوميدي أمريكي من إنتاج شركة أفلام والت ديزني وبيكسار، وإخراج بيتي دوكتر، بطولة أنجيلا باسيت، تينا فاي وجيمي فوكس.
قصة الفيلم عبارة عن (فانتازيا) تحمل معنىً جميلًا عن تعريف الشغف بالنجاح في الحياة وتحقيق الأهداف.
عادت بي الذاكرة إلى كل لحظات النجاح وتحقيق الأحلام التي مررت بها ورأيت ذلك المعنى واضحًا، فتذكرت ذلك اليوم الذي كنت أقود فيه سيارتي في طريق العودة إلى البيت وكانت النوافذ مغلقة وصوت الراديو مرتفعًا، بعد أن حصلت على ترقية في وظيفتي بعد عمل استمر عدة سنوات من الانتظار والبحوث وترقب النتائج.
السعادة الحقيقية
كنت أشعر بفخر شديد لأني أنجزت عملي وحصلت على الترقية. لكن بعد مرور بضعة أيام، جلست داخل سيارتي وقد تبخر هذا الإحساس، واتضح لي أن أهم الأشياء التي حققتها في حياتي تصبح بعد قليل من الماضي. وانتابني وقتها شعور بالفراغ وشعرت بأن بوصلة حياتي تحتاج إلى إعادة توجيه.
هذا بالضبط ما أراد هذا الفيلم العبقري من قوله.. «مغالطة انتظار الوصول» والتي تتمثل في توهُّم الشعور بالسعادة الدائمة بمجرد أن نحقّق هدفًا ما أو نصل إلى مُرادنا.
فمعظمنا، يشعر بالسعادة حين ينجح في تحقيق هدفه المنشودة، ولكن بمجرّد بلوغ ذلك الهدف يشعر بالرضا لفترة وجيزة، ولكنه سرعان ما يشعر بالتعاسة واليأس في ذات الوقت!
تكمن المشكلة الأساسية في أن الكثيرين يعتقدون أن الشعور بالسعادة مرتبط بالنجاح في تحقيق الأهداف المرسومة، وهي معادلة غير صحيحة في أغلب الأحيان..
في الحقيقة، إن النجاح في تحقيق هدفٍ ما في حياتك سواء كان جائزة أو ترقية أو الحصول على الكثير من الأموال لا يضمن لك الشعور بالسعادة الدائمة؛ ذلك أن مقياس السعادة الحقيقي هو العلاقات الاجتماعية والأوقات الرائعة التي نقضيها مع الأشخاص الذين نحبهم ونهتم بهم.
السعادة الحقيقة في وجود الهدف ذاته وفي الطريق المؤدي إليه قبل الوصول لتحقيقه..
السعادة الحقيقية في كل دقيقة تمر تستطيع فيها أن تكون جزءًا من منظومة عمل تساعد ويساعدك الآخرون..
السعادة في عيش الحياة.. في الحركة وعدم السكون.
كيف نصل إلى الهدف؟
نعلم جميعًا بأن كل هدف نتمنى تحقيقه في هذه الحياة يحتاج منّا إلى طاقة ونشاط، سواء أكان هذا الهدف يخص عائلتنا المسؤولين عن رعايتها أو الوظيفة التي نشغلها أو حتى لو كان هدفنا لمجرد الترويح عن أنفسنا.
حيث إن فقدان الطاقة والشعور بالكسل يجعلنا غير متحمسين لإنجاز ما هو مطلوب منا بالشكل الكامل، وعلى الرغم من ذلك فليست السعادة في الفوز دائمًا؛ فخسارة جولة أو معركة لا تمثل نهاية التاريخ بل يأتي بعدها الكثير من المحاولات، ذلك لو كانت دافعًا لمزيد من الحركة وليست دافعًا للقعود.
بل الخسارة الحقيقية هو أن تكون حركتنا بلا هدف ولا دليل؛ مجرد حركة للاستمتاع المجرد من الأهداف القيمة التي تفيد الآخرين وتجعل رضا الله في النية.
لذلك.. نجد أن من عاش منعًّماً مستمتعاً بنعم الدنيا كلها قد يكون من الخاسرين وفقًا لقول الله تعالى:
«كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ» [التوبة:69]
فهم خاسرون وإن غنموا الأموال ورُزِقوا الأولاد ومُدّوا بأنواع النِعم..
القاعدة الذهبية لتحقيق السعادة
إن سعادة الإنسان الحقيقية تتحقق بأمور وقواعد بسيطة أولها: أن تستمتع بحياتك ولا تبحث عن المشاكل ولا تدقق في أصغر الأمور.
ولكي تسعد عش حياتك بما بين يديك من معطيات، لا تنظر للذي مع الآخرين. ولابد أن تنظر للجوانب المشرقة من حياتك، قبل أن تنظر للمظلمة.
والقاعدة الأهم أن ليس كل ما نتمناه ندركه .. فكثيرًا ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
أما القاعدة الذهبية فهي: (كن حياً لا ميتاً.. تفاعل بكلامك الطيب.. بتعبيرات وجهك البشوشة.. بعملك من أجل الآخرين ليس من أجل نفسك فقط.. حتى يأنس الآخرون بك.. فأنت سعيد عندما تكون بين الناس مفيدًا)
من وحي مشاهدتي لفيلم (سول).