
صدر حديثًا عن دار النخبة كتاب «نصوص العشق ومصفوفات الارتقاء» للشاعر والكاتب الصحفي مفرح سرحان، نائب رئيس تحرير الأهرام، يقع الكتاب في ١٩٤ ص من القطع المتوسط.
تمكن الشاعر من الأدوات التي يمتلكها في الكتابة من حيث اختياره للموضوع واستخدامه الألفاظ الرشيقة والجمل البيانية العذبة، والتشبيهات البديعة والأسلوب الموسيقي الذي يتمتع به، ومساحة الخيال الواسع التي يرتكز عليها، إضافة إلى حصيلته الوفيرة من اللغة وما يمتلكه من مخزون ثقافي وفير ورصيد معرفي.
قصيدة كيف تضع العذراء، وهي تجربة تتميز بالبساطة من حيث التكوين، لكن بالعمق الشديد والتعقيد والتشابك فى مغزاها وما وراء معناها.
استخدام اللغة الصوفية في نصوص العشق
في مخاطبات النفرى هناك سيل من أفعال الأمر الممتتالية في سطور كسطور الشعر الحر تبدأ بقوله: (يا عبد)
وفي مواقفه متوالية أخرى من الأوامر والنواهي تحت عنوان ثابت يبدأ فيها السطر النثرى بمقولة: قال لي ..
يقول النفرى فى مطلع (موقف البحر): «أوقفنى فى البحر فرأيت المراكب تغرق والأواحَ تسلَم. ثم غرقت الألواح. وقال لي: لا يسلم من ركب. وقال لي: خاطرَ مَن ألقَى نفسه ولم يركب. وقال لي: هلكَ مَن ركب وما خاطَر. وكل المواقف على هذا المنوال.
ديوان «نصوص العشق» مقسم إلى قسمين.. قسم أسماه الشاعر (الذكر) على سبيل المجاز بالطبع، ذكر أول، ذكر ثان.. وهكذا.
والقسم الثاني (المصفوفات) وهي كمواقف النفري. ولكن بدلًا من قال لي، صارت العبارة تبدأ بـ (قيل) فعل مبني للمجهول، وهو أكثر إمعانًا في الرمزية والتلغيز من مقولة: قال لي.
نستمع تحت «مصفوفة الإنكار» ( قيل لي: أناكَ فَناؤك – دع أناكَ هنا – حيث تخلع نعليك)،
إنها نفس لغة الصوفية وطريقتها. وهناك كثافة شديدة في رصف أفعال الأمر حتى ليكاد الديوان يصير مرجعًا لكل أفعال الأمر لدى الصوفية: ( سر- قف- أبصر – تيقن- تدبر- اركض برجلك- طُف- أقبل- اصدع- ارتقِ- اسلك- ترفّق- رتّل- اخفض جناحك- استقم- استجب) ..
والنهى أيضًا من أمثال: ( لا تجزع، لا تخف .. إلخ).
إسقاط الحالة الصوفية على الواقع
الاختلاف الأكبر هو في السطر الشعري يتميز بالقصر لدى مفرح سرحان، والطول لدى النفرى.
اعتمد الشاعر على تكثيف المدلولات والمفردات الصوفية. رغم أن المعاني في أغلبها تنسجم على الحاضر . هو إذن يحاول إسقاط الحالة الصوفية على واقعنا وحاضرنا.
يعتبر «نصوص العشق ومصفوفات الارتقاء» ديوان شعرى ثري، يطرح مفهومًا جديدًا حداثيًا للرؤية الصوفية لغةً وفكرًا.
كما يناقش قضايا الإنسان المعاصر من خلال لغة صوفية فكرية مبتكرة عميقة الدلالة والمحتوى.