«هند زيتوني» ترثي الشاعر الكبير «رفعت سلام»
ها هي السماءُ تمطرُ صخورَ الحزنِ المسنونة فتجرحُ وجهَ الأرضِ الكسير

- إشراقات هند - 21 فبراير، 2021
- «هند زيتوني» ترثي الشاعر الكبير «رفعت سلام» - 13 ديسمبر، 2020
- طعنة حظ - 23 يوليو، 2020
ها هي السماءُ تمطرُ
صخورَ الحزنِ المسنونة
فتجرحُ وجهَ الأرضِ الكسير
ها هي الشمسُ تجمعُ
آخرَ انكساراتِ خيوطِها
ليغرقَ الكونُ في حلكةِ الصَّمتِ الواسعة
تقودُ ظلّكَ حيثُ المسافاتُ
تبيعُ أثوابَها من أجلِ كفنٍ يليقُ بك .!
أيها الموتُ اللّئيم ،
كان ينبغي أن تقطعَ يدَكَ الزرقاءَ
وتدفنَ معولَك وفأسَك
و أن تمدَّ حبلَ الحياةِ قليلاً
لكيلا تذبلَ نجومُ الشِّعرِ وقتَ الظَّهيرة
أيُّها الوقتُ المشاكسُ
كيف يحرقَ كفُّكَّ الوثنيّ ،
رئةَ عصفورٍ لم يكملْ أغنيتَه ؟
سيتلو الرثاءَ أنشودة الفضة الأخيرة
وينسلُّ وسطَ عواصفِ الاحتضار
كوحشٍ أليف…!
دعوا جيوشَ الأسى تمرُّ ُبسلامٍ
فلم نعدْ نعرفُ ماذا حصلَ لجثَّةِ العويل؟
نمْ في نومِكَ الشَّاحبِ الآن
وأنتَ تجرُّ خِرافَ أحلامِك البيضاء
لا يضرُّكَ من كان فوقَ السَّحاب
مدججاً بالغناءِ أو بالصّدى
أنتَ الآن سيّدُ الشِّعرِ والكلام
كان عليَّ أن لا أصافحَكَ
كي لا يعلقَ عطرُ يدكَ على أصابعي
وأغرقُ أنا في نهرِ الاشتياق العميق
افتحْ ذراعيكَ وحلّقْ عالياً
أيها النَّسرُ الجريح
لا يليقُ بك الرَّحيل
ارقصْ على جثّةِ الموت
واقتلعْ شوكةَ غيابِك
فمثلُكَ تليقُ به الحياة
نامَ الشِّعرُ باكياً
بعدَ أن سلَّمتَهُ مفاتيحَ المجدِ
و الأبجديَّات فككتَ شيفرةَ الجحيم
وأغلقتَ نوافذ التَّعَب
أعرفُ أنّكَ تركتَ بابَ قلبِكَ موارباً
لتخرجَ فراشاتِ حزنِكَ الرَّماديِّة
وتبقى أنتَ… سيِّدَ الفرحِ الجليل
يا سيِّدَ المتعبين لا يليقُ بكَ الغياب
وأنتَ الذي وشمتَ قصائدَكَ
على أوراقِ شجرةِ الأبديّة
لا تخشَ على سبائكِ شِعركَ التي سطَّرتَها
تحتَ عيونِ الشِّمس ستضيءُ بعدَكَ ،
هذا العالمَ المعتم
هل ستَعبُرُ جسرَ خلودِك وحيداً ؟
بكاملِ عنفوانِك كيف سنضبطُ النبضَ الآن
وقد غابَ قمرُكَ
لتتركَ وراءَكَ هذا الليل التائه ؟
هل ستكونُ في الجهةِ الأخرى
من الغابة الصَّماء ؟
لتحميَ عشبَ الشِّعرِِ من الضَّياعِ والذُّبول ؟
ستعبرُ إلى بحورِ ملحمتِكَ السماويَّة
لتغنِّيَ مع الغائبينَ أنشودةَ الوداعِ الأخير..