
- أبيض وأسود - 22 فبراير، 2022
- البطل المفقود - 9 أكتوبر، 2021
- حصان طروادة - 28 أغسطس، 2021
تحت عنوان «ركوع وسجود»، كتب د. تامر عز الدين، عن أزمة وباء الكورونا مقاله المنشور على موقع جريدة «كنوز عربية»..
وجاء في المقال:
تخطت أزمة وباء الكورونا كثير من التوقعات ووضعت العالم كله في مرمي العدوى واقتربت الإجراءات الاحترازية في مختلف الدول من بعضها بين حظر وحجر وتعليق الرحلات الجوية وصولًا إلي عزل المدن بعضها عن بعض. وكأن العالم كان على موعد مع كابوس لم يتخيل أفظع منه في أسوأ توقعاته.
الغريب في تلك الأزمة الوبائية أنها استحضرت في كل شعب طبيعته وأخرجت من كل شعب أجمل و أسوأ ما فيه، في تناقض أقرب إلي (الكوميديا السوداء) منه إلى (التراجيديا).
فبين الالتزام التام بالحجر والحظر لدرجة الوسوسة، وبين التكدس والازدحام والخروج في مظاهرات ضد (الفيروس) مما يُعد خرقًا للمنطق بنكتة مضحكة.
وباء الكورونا وسقوط الأكاذيب
غير أن تلك الأزمة الوبائية كشفت حقائق وأسقطت ناطحات من الأكاذيب بناها أصحابها و أسكنوا فيها باقي شعوب العالم.
فنرى أفضل نظام صحي في العالم يتداعى، و نرى أبطالًا أنقذوا العالم آلاف المرات من الغزو الفضائي والمخاطر التي تهدد بقاء البشرية من كوارث وأمراض على الشاشات البيضاء والفضية، يركعون متوسلين أن ينقذهم العالم ويستجدون أبطالًا من العالم الثالث كي يحطّوا رحالهم على أرض الأحلام، التي كانت عليهم قبل هذه اللحظة صعبة المنال ليساعدوهم في إنقاذ الشعب الأمريكي.
وفي المقابل، نرى هؤلاء المستضعفون يهبطون بجباههم سجدًا يستمدون القوة في مواجهة الأزمة من السماء
نري الأولويات تنكشف فتسقط الأقنعة، ويُزال (مكياج) الرويبضة، في نفس الوقت الذي يبرق معدن العلم وتُعرَف قيمته.
وكل الشواهد تؤكد أن العالم يتغير وسيصبح عالمًا آخر بعد الكورونا..
العالم بعد الأزمة
دعونا نتخيل أن أزمة كورونا قد انتهت؛ وأصبح في مقدور الناس الخروج والالتقاء مرة أخرى دون قيود.
أعتقد أننا سوف نندهش ونكتشف أننا كنا قبل الكورونا نعيش في عزلة اجتماعية أزالتها عزلة الكورونا.
فمن عجيب المفارقات في هذه الأزمة أن التباعد الجسدي الذي فرضه الفيروس أدى في الوقت نفسه إلى تقارب من نوع جديد، لقد اتاحت لنا عزلة الحجر الصحي أن نلتقي ونقترب من أشخاص لم نكن لنلتقي أو نقترب منهم في خِضَم الحياة قبل الكورونا أو نلتقي بهم.
لقد اتاحت لنا الاتصال بالأصدقاء القدامى في كثير من الأحيان، وتعززت صلات كانت قد أصبحت ضعيفة وهشة، اقتربت العائلات والجيران والأصدقاء من بعضهم البعض، بل وتخطوا أيضًا في بعض الأحيان الخلافات غير المعلنة، غير أن كم الإنسانية التي ظهرت بين سكان الأرض ما كان لأحد أن يكتشفها لولا هذا الفيروس.
وأعتقد أننا على الأقل سنحتفظ ببعض التغيرات السلوكية لبعض الوقت، سنغير على سبيل المثال طريقتنا في تحية بعضنا البعض.
سيتضح أن كثيرًا من الأعمال يمكن أن تُنجَز من البيت؛ فنوفر بذلك كثيرًا من الطاقة والزحام والنفقات التي لا داعي لها.
كما أن التجارات العالمية عابرة القارات والانتقال الكثيف بين الدول بعضها البعض، سيضع عليها كثير من المحاذير مما قد يؤثر على شكل الاقتصاد العالمي ويغير من منظومة أغنى دول العالم.
نعم ربما يتغير شكل العالم بعد أن تأكَّد الإنسان كم الأذي الذي تسبب به للكرة الأرضية ومناخها، فهل سيعود مرة ثانية لخرابها بعد الكورونا؟!
ربما سنتغير إلى الأفضل، وربما إلى الأسوأ.. لا أحد يستطيع أن يتكهن على وجه الدقة..
إنما الأكيد أن هذه الأزمة ردت للعلماء كرامتهم، وردت كثيرًا إلى ربهم..
أعتقد أننا بعد الكورونا سنرى البعض يسجد لله شكرًا.. بينما سيكون هناك من سيركع ذلًا و مهانة وهو ينسحب من المشهد العالمي.